الجزائر ارتقت بثمار ثورتها التحريرية المباركة لتبلغ قدسية المكان الذي يكتسب الخصائص التاريخية في إعلان أكبر حدث تاريخي غير وجه التاريخ العربي المعاصر، بوضع فلسطين على مقربة من إعادة تشييد وجودها بإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. والشاهد الجزائري الأكبر جعل من ثورته الشعبية عنوانا تحرّريا لثورة كبرت بفعلها الجهادي المقدس وهي تبلغ أبواب القدس المحررة رسميا في إعلان يتعالى في سماء الدنيا، ينطلق من أرض المليون ونصف المليون شهيد، وهو يأذن بإقامة دولة فلسطين المستقلة، التي اكتسبت من مبادئ أكبر ثورة تحرّرية عرفها العالم الثالث سر بلوغ الانتصار الحتمي في معارك الوجود الذي لا يمحيه غاصب أو غاز.. الجزائر فأل خير في مسيرة ثورة التحرير الفلسطيني، في خنادق ثورتها تربى المقاتلون المقدسيون، وأتقنوا فنون النضال التي تتعاظم بأصولها العقائدية، وترجموا تجاربها في واقع فلسطيني يحفزه انتصار جزائري كبير، منح مجاهديه ثقة المؤمن بقدرة الله عزّ وجل في الكسب التاريخي لمعارك الحق التي تخوضها الشعوب الحرة. وإعلان قيام دولة فلسطين.. من أرض جزائرية لم يكن مصادفة عفوية، أو مجرّد مكان ملائم لتبني حدث وفق شروط دبلوماسية – بروتوكولية، ضمنت شروطا أمنية وسياسية لا بد من توفرها في الإعلان عن إنجاز ما.. فالفلسطينيون الذين أحيوا مجلسهم الوطني بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات في العاصمة الجزائرية عام 1988 أرادوا من إعلان قيام دولتهم المستقلة في الجزائر إبلاغ العالم رسالة مفادها أن الثورة التي انتصرت في الجزائر ودحرت الاستعمار الفرنسي البغيض بعد أكثر من قرن وربع، قابلة بمبادئها التحررية أن تترجم في أرض فلسطين، ويصيغ الثوار وقائعها بأشكال أخرى تعيد القدس إلى عالمها العربي–الإسلامي–الإنساني.. وتضع الشعب في مسارات فرض سيادته دون سواه، في بناءات دولته المستقلة المالكة لسيادتها. وهو الوفاء الفلسطيني لموقف جزائري كان يكبر في كل الوقائع دون تراجع، أن تكون الجزائر هي الشاهد أرضا وشعبا وقيادة على تحوّل حلم فلسطيني تنامى بآلامه ومعاناته إلى واقع يتعاظم في دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، تساهم الجزائر في وضع حجرها الأساس إيمانا منها بمبادئ الحق العربي غير القابل للمساومة..