عرفته منذ أشهر معدودات، كثيراً ما جمعتني اللقاءات به خلال تغطياتي لنشاط المجلس الشعبي الوطني، فهو عضو قيادي بجبهة التحرير الوطني منذ أزيد من 20سنة، وخلال فعاليات دورة المعارف المقدسية الثانية، عرفت فيه الرجل الهادئ لكنه الحاسم والنشط، والودود البشوش لكنه حاد وجرئ، له احترامه في الأوساط العلمية الأكاديمية على اختلاف تسمياتها وألوانها، وله حضور مُميّز في لقاءات اللجنة القانونية والحريات العامة بالمجلس الشعبي الوطني، "الأمة العربية" اقتربت منه في مكتبه وحاورته من منطلق أنه أحد أعضاء مجلس الأمناء الدوليين في مؤسسة القدس الدولية التي يرأسها فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، ويرأس فرع الجزائر فضيلة الشيخ عبد الرحمن شيبان وينوب عنه الأستاذ عبد الحميد مهري، حيث أشار إلى أهم مشاريع ونشاطات المؤسسة خلال الرباعي القادم. "الأمة العربية": هل بإمكانك التعريف بمؤسسة القدس الدولية "فرع الجزائر"؟ الدكتور صالح دجال: مؤسسة القدس الدولية –فرع الجزائر- هي مؤسسة مدنية اجتماعية مستقلة تابع لمؤسسة القدس الدولية، أنشأ طبقا للقانون الجزائري رقم 90/31 المتعلق بإنشاء الجمعيات، وتضم شخصيات وهيئات عربية وإسلامية ومسيحية، غايتها العمل على إنقاذ القدس، والمحافظة على هويتها العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، في إطار مهمة تاريخية لتوحيد الأمة بكل أطيافها الثقافية من أجل إنقاذ القدس عاصمة فلسطين، وهي تتعدى البرامج الإغاثية إلى التخطيط المرحلي والاستراتيجي لخدمة المدينة وتأمين حاجات سكانها، ونسعى من خلال الفرع أن نكون أكبر وأوسع إطار مدني اجتماعي جزائري، يجمع ويمثل ألوان طيف المجتمع الجزائري، وينظم جهودها للحفاظ على الهوية الحضارية للقدس وإنقاذها ودعم أهلها في الداخل والخارج، في إطار مهمة تاريخية هي العمل لتوحيد الأمة على تحرير فلسطين، ومن بين أهم الوسائل التي نستعملها في ذلك إقامة المؤتمرات والندوات وتنظيم البرامج واستخدام كافة وسائل الاتصال الحديثة للوصول إلى القوى والشخصيات المؤثرة وكل الغيورين على القضية الفلسطينية، مع تنمية الموارد المالية وتأمين التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات والبرامج بالوسائل القانونية المتاحة. ماهو المطلوب من الجزائريين لإنجاح هذا الأمر؟ طبعا هي المساهمة المادية بتمويل المشاريع، والمساهمة المعنوية من خلال القيام بالدور التحسيسي والتعبئة الإعلامية، وتمكين الأجيال الصاعدة من حمل هذه الرسالة للتواصل إلى أن تكلل الأعمال بتحرير فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، طامحين بذلك –إن شاء الله – أن نعيش ذلك يقينا، متمكنين من الصلاة في المسجد الأقصى أولى القبلتين. تحدثتم عن الدعم المادي، فماذا تقصدون به؟ بطبيعة الحال المجهود المادي يتمثل في المساهمات المالية في تمويل المشاريع التي برمجت لتنفذ خلال فترة 2010-2014 المتعلقة بالمشاريع، والتي تتضمن العديد من المحاور، والتي من بينها المحور الإغاثي والتنموي، وذلك من خلال تحسين ظروف الثبات وتوفير إمكانية الاستمرار ورفع قدرات التكيف لدى المجتمع المقدسي، في العديد من القطاعات، قطاع البنية التحتية، قطاع المقدسات والأوقاف، والإسكان والصحة والتربية، ومن بين الأهداف الاستراتيجية للمحور السياسي والرسمي من خلال إبراز قضية القدس كقضية مركزية على مستوى العالم العربي والإسلامي والدولي بأبعاده الحضارية والإنسانية والسياسية من خلال السعي لبناء علاقات رسمية مع الحكومات والمنظمات والهيئات ذات الصلة بقضية القدس والمقدسات، وذلك بتوظيف آلية البنية الوظيفية المتخصصة في مجال العلاقات، ورفع قدراتها لتتولى تنفيذ قرارات وتوجيهات مجلس الإدارة . تبذلون مجهودات للتنسيق بين المؤسسات والجمعيات المناصرة للقضية الفلسطينية، فإلى أي مدى وصلت هذه المجهودات؟ لعلمكم فإن مؤسسة القدس –فرع الجزائر-وعلى غرار المؤسسة الأم الدولية، بالإضافة إلى القيادة العمودية الممتدة من مجلس الأمناء الدولي كالقيادة الدولية إلى الهيكلة القطرية مثل فرع الجزائر فإن هناك تنظيم أفقي يمتد عبر الفئات والتنظيمات المختلفة فهناك مايسمى بشبكة الروابط مثل رابطة الشباب لأجل القدس، ورابطة الصحفيين لأجل القدس،ورابطة النساء لأجل القدس،...كل هذه الروابط وغيرها من التنظيمات تساهم في تحقيق برامج المؤسسة بما تملكه من اختصاصات وقدرات. بمناسبة ذكركم لرابطة شباب لأجل القدس سمعنا عن عقد مؤتمر دولي في الجزائر، فأين وصلت التحضيرات؟ نعم، رابطة الشباب لأجل القدسبالجزائر من بين الروابط التي تنشط تحت إشراف الفرع، وقد نظمت العديد من الدورات في إطار تجسيد برنامج المعارف المقدسية، أما المؤتمر الذي تسأل عنه فهو مؤتمر دولي تشارك فيه أزيد من أربعين دولة، وقد طلبت منا القيادة الدولية لرابطة الشباب لأجل القدس تنظيم ملتقى دولي راغبين إلى أن يكون تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية وهي فكرة لاتزال تحت الدراسة نظرا لبعض المتطلبات منها المطلوب. بصفتكم مسؤولا وطنيا عن الصندوق والأوقاف، فهل يمكن أن تعطي للقراء فكرة عن المشاريع الوقفية في الجزائر؟ قبل ذكر المشاريع الوقفية، وجب أن أذكر بحيثياتها، فقد كان ذلك بمناسبة المؤتمر الخامس لمؤسسة القدس الدولية المنعقد بالجزائر سنة 2006تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد "عبد العزيز بوتفليقة"، أما عن مشروع الوقفية الرسمية فتتمثل في بناء مركز أعمال بالإضافة إلى شقق، وهذا المشروع قد تمت مرحلة دراسته، أما انطلاق الأعمال فيه فهو متعلق باختيار الأرضية فقط بالتنسيق مع ولاية الجزائر، ونشير هنا إلى المجهود الشعبي، قد تجسد فعلا بفضل مجهود بعض المقاولين المتبرعين مشكورين ومجازين عند الله تعالى- بإقامة بناية ذات سبع طوابق على حافة الطريق الوطني رقم واحد مخرج بئر مراد رايس تخصص عائداتها لخدمة مشاريع القدس. تتعدد الهيئات واللجان والمسميات التي تحمل اسم القدس، هذا التعدد عامل قوة أم يشتت الجهد؟ كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟ لا يزعجنا التعدد إنما يهمنا أنّ القدس هي المحور، وهي المغناطيس الذي يجذب جهود كل الناشطين وكلّ المخلصين، حرب القدس الثقافية متعددة الحقول والعناوين فيجب أنْ تهبّ الأمة بجميع مكوناتها الكاملة، وتستنفر إلى أبعد توتّر لها من أجل إنقاذ القدس لأنّه لن يكون للأمة كلمة إذا كانت القدس أسيرة بيد الصهاينة. ما مدى مساهمة الفرع في وقف عمليات التهويد ورفع الغبن عن الغزاويين؟ نسعى لتحقيق ذلك ومجهودات الأفراد محدودة إن لم تتضافر جهود الجميع خاصة القوى الفاعلة في الساحة الوطنية من أحزاب ومنظمات ونخب وشخصيات تاريخية وكل الأفراد المؤمنين بهذه الرسالة فالانخراط ممنوح لكل هؤلاء، كما تتبنى مؤسسة القدس الدولية تنفيذ مجموعة من المشاريع بشكلٍ مدروس ومتكامل، بالتنسيق مع العديد من الهيئات والمؤسسات العاملة في القدس، وتحاول المؤسسة أنْ تغطي في مشاريعها القطاعات كافة التي تحتاج إليها القدس وسكانها، وبالتالي فالمشاريع تشمل الحفاظ على المقدسات، وتوفير ودعم البنى التحتية، ودعم التنمية البشرية والاجتماعية، والاعتناء بالبيئة والممتلكات والموارد الزراعية، وتغطية شؤون الإسكان والصحة والتربية وتعبئة الجماهير لنصرتها، كما تعمل المؤسسة على تنظيم الحملات الدولية من أجل القدس، وإنشاء الروابط الأهلية والمهنية العاملة للقدس، إضافة إلى إنشاء الصناديق الخيرية والأوقاف الإسلامية حفاظاً على القدس وهويتها. عقدت المؤسسة الأم مؤتمرها السابع أيام 13/14جانفي 2010ببيروت، وكنتم من بين أهم المشاركين الجزائريين فما أبرز ماجاء في بيانه الختامي ؟ بالفعل كنت من بين المشاركين في فعاليات المؤتمر السابع المنعقد ببيروت، وقد كانت من بين أبرز النقاط التي ناقشها المؤتمر، تعديل القانون الأساسي، وتجديد القيادة، والاستماع إلى التقرير المالي الأدبي، ووضع خطة عمل وتحديد قائمة المشاريع المزمع تنفيذها خلال فترة 2010/2014، وقد كان من أبرز النقاط التي تمخض عنها المؤتمر إعادة انتخاب انتخاب فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيساً لمجلس الأمناء بالتزكية، وانتخاب نوابه الثلاثة بالتزكية، وانتخب الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر رئيساً لمجلس الإدارة، وقد دعا المؤتمر إلى مواصلة الجهود النوعية الهادفة إلى دعم القدس وأهلها من خلال أنشطة مؤسسة القدس الدولية، والهيئات التابعة لها، وأنشطة المكاتب الخارجية، والحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، وفعاليات المؤتمرات والملتقيات، والإصدارات والحملات، كما أشاد مجلس الأمناء بمشروعات الوقف الكبرى التي يجري تنفيذها في كل من قطر والجزائر والسودان، وقد قرر ذات المؤتمر السعي الدءوب لأجل إعلان القدس عاصمة دائمة للثقافة العربية، ومخاطبة جامعة الدول العربية ومجلس وزراء الثقافة العرب لتبني هذا الإعلان رسمياً، ليشكل هذا الإعلان دافعاً قوياً ومستمراً لكل أبناء الأمة بكل أطيافها ومكوناتها الرسمية والشعبية لاحتضان القدس وثقافتها، وتفعيل دعمها ومناصرتها. كما دعا إلى تحويل هذا الإعلان إلى خطط وبرامج وفعاليات سنوية داعمة للقدس وأهلها. ليستنكر المؤتمر الاعتداءات الصهيونية المتمادية، والتي تُمعن في تهويد مدينة القدس من خلال الاستمرار في مصادرة الأراضي والبيوت وطرد أهلها منها، وبناء المستوطنات، وتغيير معالمها العربية والإسلامية والمسيحية، كما استنكر استمرار الحفريات تحت المسجد الأقصى والبلدة القديمة والتي أدت إلى انهيارات خطيرة في المسجد ومحيطه، واستنكر محاولات السيطرة على أحد أبواب كنيسة القيامة، ودعا المؤتمر جماهير الأمة العربية والإسلامية إلى تفعيل دورها وتحركاتها الداعمة والمناصرة لمدينة القدس وأهلها، كما دعا حكومات الدول العربية والإسلامية إلى الاجتماع الفوري لدراسة المخاطر التي تواجه القدس والمسجد الأقصى وكذلك تحديات التهويد، ووضع استراتيجية واضحة محددة لإنقاذهما والمحافظة عليهما ومنع تهويدهما. عروس الغوالي تبرز فلسطين في حلكة الليل متلألئة عَسجَدِيّة كما لَحَظات الحزن الشفقي الآسِر، تطلُعُ على الملأ في مَشهَدِ تَعَانُقٍ معَ الآهِ خالَتْهُ فلسطين ديناً ودَيْدَناً فَتَوَقَّفَتْ عن البكاء،تقولُ لِأولئك الذينَ يَقِفونَ بعيداً بَعيداً : هل مِن جديد ؟، لتبكي كثيرا لمحاولات تضييع فلسطين في خندق المصطلحات، مثلما فعلوا مع "القدس" التي حاولوا من قبل إخراجها كمصطلح القدسالشرقية أو القدس الشريف أو القدس العاصمة ما إلى ذلك من هذه المصطلحات التي تستخدم لتهميش القدس و حصرها في القسم الشرقي من المدينة، ليزداد معها العاملون الغيورون على القضية من سياسيين وحقوقيين، مثقفين شعراء وأدباء عملوا على أن تكون فلسطينوالقدس بالنسبة لنا جزءاً أساسياً لايتجزأ، فحق لنا نحن الغيورون على القضية والمتابعون لتطوراتها من بعيد أن نساندهم ونمكن لهم بما نملك ولا نملك، ونبعد عنهم الذين يهتمون بالقضية في الوقت الضائع ليتسلوا بالقضية في أوقات الفراغ ولا يخصصون لها الوقت والجهد الكافيين، فلولا هؤلاء الملتزمين بقضيتهم في المشهد فإننا لن نجد ذكراً ليس للقدس فحسب بل للقضية الفلسطينية، فيارب أرنا من هؤلاء الغيورين العاملين على أرض الميدان لا المنظرين خيرا مثلما تجلى لأعيننا أيام ملحمة غزة التي غيرت الأولويات وضبطت الموازين ووجهت البوصلة، وأصبحت غزة هي عاصمة الوقت لحاجتها الماسّة إلى كل دعم ممكن.