عارض حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية برئاسة سعيد سعدي تعديل الدستور الذي كشف عنه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة نهاية الشهر الفارط، بذريعة أن المراجعة الدستورية كانت تتطلب الذهاب إلى استفتاء شعبي وهو الذي هرول إلى الترحيب بدسترة الأمازيغية في ربيع 2002 واكتفى بموافقة البرلمان عليها رغم مطالبة شرائح واسعة من المجتمع الجزائري آنذاك بتمريرها على الشعب للفصل فيها. أقام رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي الدنيا ولم يقعدها بخصوص تعديل الدستور الذي أعلنه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الشهر الفارط بالمحكمة العليا ورأى التعديلات "انقلابا على الدستور وتراجعا لمكسب التداول على السلطة"، فالإجراء الذي مس فتح العهدات الرئاسية في نظره تهديد للديمقراطية رغم أن فرنسا التي يقتدي بها ويعتبرها المثال الأعلى في الممارسة الديمقراطية، إضافة إلى تودده إليها في كل حين، تعتمد في دستورها على فتح العهدات الرئاسية. ورغم جهره بموقفه المعارض لتعديل الدستور منذ البداية إلى أنه وجد ذريعة طريقة تمرير مبادرة الرئيس عبر البرلمان ليطعن في ما سمحت به أعلى هيئة دستورية في البلاد حيث اعتبرت "أن مشروع القانون الخاص بمراجعة الدستور لا يمس بأي كيفية التوزانات الأساسية للسلطات والمؤسسات العمومية" مع أنه تجاهل قبل ست سنوات في أفريل 2002 عند مبادرة رئيس الجمهورية بإضافة مادة جديدة على دستور 1996 تقضي بدسترة الأمازيغية وإضفاء صفة الوطنية عليها، النداءات المتكررة لعديد من شرائح المجتمع الجزائري لاستفتاء الشعب فيها حتى وإن كان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد اعترف في الخطاب الذي ألقاه يوم 12 مارس من نفس السنة بتخوفه من رفض مشروع القانون عندما قال إنه "يتوجس خوفا من أن يكون الرد غير ايجابي". موقف رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية يعكس تناقضه رغم الاختلاف الجوهري بين فتح العهدات الرئاسية وإقرار اللغة الأمازيغية لغة وطنية التي تعد نقطة حساسة تمس في العمق الهوية الوطنية، فالأول مطلب وطني والثاني كان جهويا مما يدل أن زعيم " الأرسيدي" يفضل الحسابات الجهوية على المصلحة الوطنية باعتبار فتح العهدة رفعه كل المواطنون من شرق البلاد إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، كما أنه يتعلق بقضية جوهرية ذات بعد وطني، ولم يجد زعيم الأرسيدي الدكتور سعدي من غطاء يبرر موقفه من تعديل الدستور وفتح العهدة الرئاسية سوى التغني بمبدأ التداول على السلطة مع أن الرجل أبعد ما يكون عن تطبيق مثل هكذا مبدأ داخل بيته الحزبي فالدكتور لا يتوانى عن إقصاء كل من يجرأ على معارضته أو الاختلاف معه في الرأي والخط من قيادات الأرسيدي ومناضليه بدليل الانسحابات والاستقالات المتكررة لمعارضيه من هيئات الحزب وهياكله، كما تعد سيطرة الدكتور على رئاسة الحزب منذ 20 سنة خلت دليل قاطع على التداول على السلطة الذي يتبناه الحزب ويريد تطبيقه على الجزائر حزبه بدليل أنه بقي مسيطرا على القيادة منذ أن هبت رياح التعددية السياسية على الجزائر سنة 1989، فهو بذلك ينهى عن خلق ويأتي مثله.