سنة 2008 تقول لك وداعا درويش، أن تموت بكبرياء أرحم من أن تشاهد الموت أمامك مجبرا في ذل ممزوج بخيانة كل الإخوة العرب. في مساء يوم 09 أوث 2008 توقف قلب الشاعر الفلسطيني محمود درويش عن النبض في مستشفى هيوستن في ولاية تكساس الأميركية، حيث كان الشاعر يخضع للعلاج بعد جراحة القلب اجراها. فحملت الوكالات نبأ وفاته لتعم أجواء حزن شديد، امتزجت بذهول وعدم تصديق في كل الدول العربية. رحل شاعر القضية ونبض الشارع العربي محمود درويش بعد 50 عاما من العطاء والرفض والغضب، عن عمر يناهز 67 بعد مرض في القلب، هذا العضو الذي أعطاه القوة في حب الوطن والوفاء له طيلة مشواره الإبداعي الأدبي، خانه فجأة ليتوقف، حينما كان ينتظر العالم العربي آخر انتاجاته وهو الذي كتب في قصيدته "جداريات" أنه يتحدى الموت حتى وإن كان جاء من خبايا القصيدة والإبداع. محمود درويش الذي نقل النبض الفلسطيني إلى كل أنحاء العالم عبر شعره وقصائده بعد أن ترجمت أعماله إلى أكثر من 40 لغة، استطاع أن يعطي الصورة عن القضية التي يدافع عنها أفضل من كل البيانات والتنديدات وأنجع من كل الأخبار الإعلامية، يعد في العالم أحد أهم الشعراء الفلسطينيين الذين كانوا صوت القضية الفلسطينية وأحد أهم الشعراء الذين ساهموا في بناء الشعر العربي الحديث. مات محمود درويش، وفقدت ليس فقط القضية الفلسطينية بل والأمة العربية وكل القضايا العادلة أحد أهم شعراء القرن العشرين بدون منازع، ليترك صفحات بيضاء كثيرة في ديوان الشعر العربي لم تكتب وكلمات كثيرة ناقصة في بيان القضية الفلسطينية، مات قبل أن يرى النور حلمه في غرس غصن زيتون في وطنه في أمن وسلام. اليوم وغزة تتألم تحت القصف والأرواح تتساقط كالمطر ماذا كان يقول درويش لو كان حيا أكان يقول الموت في صمت أفضل منه بين جدران الخيانة والتواطؤ، لكان قد كتب أجمل أشعاره في رثاء ما تبقى من الأمة والنخوة العربية.