نجحت القمة الاقتصادية التنموية والاجتماعية في تنقية الأجواء والجمع بين عدد من قادة الدول العربية التي تبادلت في الفترة الأخيرة الاتهامات بسبب الاختلاف في آليات التعامل مع الوضع في غزة، حيث بادر العاهل السعودي إلى عقد ما يشبه "قمة سداسية" جمعت أقطابا عربية فرّقتها قبل أيام حسابات سياسية حول مصير مبادرة السلام العربية. بعد أن سارت كل القراءات إلى أن مصر والمملكة العربية السعودية تتجهان نحو تجسيد مساعيهما لعقد قمة عربية تشاورية على هامش القمة الاقتصادية بالكويت مثلما تم الإعلان عنه قبل أيام، وما لحق ذلك من شرخ وانقسام في المواقف العربية، فاجأ العاهل السعودي المتتبعين بخطاب ناري لم يكن أصلا مبرمجا في جدول أعمال الجلسة الافتتاحية لقمة الكويت، فتح فيه الناري فيه على كل الاتجاهات محملا القادة العرب المسؤولية كاملة فيما وصل إليه وضع الأمة العربية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أكثر من ذلك فإن الملك عبد الله بن عبد العزيز أل سعود عقد اجتماعا في مقر إقامته في قصر بيان عصر أمس مباشرة عقب اختتام الجلسة الافتتاحية للقمة الاقتصادية العربية، وقد حضر اللقاء الذي وصف ب "الهام" كل من أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وبجانبه الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، والملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، ومعهم الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية إلى جانب كل من الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر والرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية. وقد استفيد في هذا السياق بأن مضمون هذا اللقاء تناول التطورات الأخيرة الحاصلة على الساحة العربية وتحديدا مخلفات العدوان الإسرائيلي على غزة، وراحت القراءات تؤكد بأن خرجة العاهل السعودي هي تأكيد على ضرورة تجاوز الخلافات التي تبلورت في أعقاب إعلان قطر احتضان القمة العربية الطارئة والتي تحولت إلى قمة تشاورية بسبب مقاطعة كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر والمملكة الأردنية لأشغالها والفتور الذي أعقبها. وكانت المناسبة في حفل الاستقبال الذي خص به الملك عبد الله القادة الستة لأن يبدي هؤلاء ترحيبهم بما ورد في مضمون كلمة خادم الحرمين الشريفين التي ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية "قمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة"، كما بحث المجتمعون عددا من الموضوعات المدرجة على جدول أعمال القمة. إلى ذلك كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد ضرورة تحقيق التوافق الفلسطيني بين السلطة وكل الفصائل من أجل الوقوف في وجهة العدوان، معتبرا أن قمة الكويت الاقتصادية أصبحت قمة عربية من أجل فلسطينوغزة أولا. وقال أبو مازن في كلمته أمام القمة العربية الاقتصادية، إن هذه القمة من أجل إزاحة كابوس الاحتلال البغيض عن فلسطين وما تبقى من أراض عربية محتلة ومن اجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وحل جميع قضايا الوضع الدائم وفى مقدمتها القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه والأسرى على أساس الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، مؤكدا أن ذلك هو جوهر جدول أعمال القمم العربية منذ أن استضافت مصر أول وثانى أعمالها قبل عقود. وأضاف أن العدوان على غزة قرعت طبوله قبل أشهر من البدء في تنفيذه واستحكام حلقاته بحصار خانق ظالم لا مبرر له دفع ثمنه الشعب الفلسطيني غاليا ولا زال يواصل دفع الثمن، مشيرا إلى أن "ما سيتم السعي له الآن بعد نجاح جهود الأشقاء في مصر بوقف العدوان أن يتم تحقيق انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل فوري ورفع الحصار الظالم تحقيقا للمبادرة المصرية ككل لا يتجزأ".