ربط الدكتور ناصر جابي، المختص في علم الاجتماع، إمكانية عزوف الناخبين عن التوجه إلى صناديق الاقتراع في الرئاسيات المقبلة بأكثر من عامل، ولكنه خصّ بالذكر ضعف الحياة السياسية وعجز الأحزاب في التجنيد، مركزا في المقابل على غلق المجال السياسي في الجزائر مما يشكل عائقا لضمان مشاركة شعبية قوية في الانتخابات. س1: بماذا تفسرون تخوّف السلطة من احتمال مقاطعة واسعة للناخبين لصناديق الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية التي لم يعد يفصلنا عنها سوى أقل من ثلاثة أشهر؟ ج: هناك مؤشرات كثيرة يمكن أن تحسب في اتجاه مشاركة ضعيفة مثل نوعية الترشيحات المعلن عنها حتى الآن، غلق المجال السياسي الوطني ونوعية الحياة السياسية الضعيفة بل والباهتة على المستوى الحزبي يمكن إضافتها إلى أسباب المشاركة الضعيفة المتوقعة في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي سبقتها انتخابات محلية كانت نسبة المشاركة فيها متدنية جدا، علما هنا بأن بعض التجارب الدولية تعرف نسب مشاركة ضعيفة لأسباب أخرى قد لا تكون هي نفس الأسباب في الجزائر. س2: من موقعكم كأستاذ مختص في علم الاجتماع، ما هي الأسباب التي تدفع بالجزائريين إلى ما يمكن وصفه ب "الإضراب" عن صناديق الاقتراع، هل يقتصر الأمر فقط على أزمة ثقة بين الحكام والمحكومين أم هناك عوامل أخرى تضاف إلى ذلك؟ ج: هناك بالطبع أسباب أخرى منها ضعف تجنيد الأحزاب السياسية نفسها التي تختفي تماما بعد الحملات الانتخابية في الكثير من الحالات مع العلم أن نسب المشاركة في الانتخابات تختلف من فئة عمرية إلى أخرى بحيث نجد نسب مشاركة ضعيفة لدى الشباب بالمقارنة مع الكبار في السن والمتعلمين هم كذلك يتميزون بمشاركة ضعيفة بالمقارنة مع غير المتعلمين وسكان المدينة الذين تقل نسبة مشاركتهم بالمقارنة مع سكان الريف.. إذن نحن أمام شبه قوانين سوسيولوجية يمكن أن تكون مفاتيح لفهم نسب المشاركة في الانتخابات من عدمها. س3: مأزق المشاركة في الانتخابات لا يقتصر على الناخبين فحسب، وإنما امتد حتى إلى المترشحين للرئاسيات، ألا تعتقدون بأنه يكفي فقط أن تترشح شخصية ذات وزن ثقيل لتنافس المترشح عبد العزيز بوتفليقة في السباق الرئاسي حتى يقتنع المواطنون بضرورة التصويت بقوة؟ ج: يبدو لي أن هذا السؤال مرتبط بالموضوع الأول الذي تكلمت فيه والمتعلق بنوعية الحياة السياسية المغلقة، فالجزائر تعيش فراغا سياسيا رهيبا منذ سنوات جعل حتى المواطن المهتم والمناضل يبتعد عن السياسة ما بالك بالمواطن العادي الأصل غير مجند. هذا الوضع جعل الكثير من الوجوه السياسية المعروفة تحجم عن الترشح لأنها تعتقد أن اللعبة مغلقة. نوعية الحياة السياسية الباهتة لم تنتج وجوه سياسية جديدة ذات مصداقية يمكن أن تترشح مما جعل السوق السياسية من دون لاعبين.