أكد الأستاذ ناصر جابي، أستاذ في معهد علم الاجتماع والعلوم الإنسانية بجامعة الجزائر، أمس، أن الجاليات المهاجرة أضحت محل اهتمام كل البلدان الديمقراطية، حيث تعمل بكل ما إستطاعت من أجل دفعها للمساهمة في العمل السياسي لبلدانها باعتبار ذلك أحد وسائل وأواصر الربط بين المهاجر وموطنه الأصلي . فالجزائر، يضيف ناصر جابي، في تصريح خص به »الشعب« على هامش ندوة فكرية نظمها مركز »الشعب« للدراسات الإستراتيجية تحت عنوان »الجاليات المهاجرة والانتخابات« تحصي عددا كبيرا من المواطنيين المقيمين خارج الوطن مما جعلها تعمل بشكل كبير من أجل تمكين هؤلاء من التعبير عن أرائهم في الحياة السياسية للبلاد وتمكينهم من ممارسة حقهم التشريعي حيث منحت السلطات الجزائرية حق انتخاب الجالية الجزائرية على عكس الكثير من الدول العربية كدولة لبنان التي لم تمنح حق الانتخاب لجاليتها بالمهجر لظروف لا تزال غامضة ولتخوفات خارجية معينة، ونفس العقليات تظهر في دولة المغرب حيث يشير محدثنا إلى أن جاليتها ليس لها أي نشاط في الميدان السياسي للمشاركة في الانتخابات التشريعية كحق يربطهم بموطنهم . وأبرز محدثنا أن الحكومة الجزائرية وفرت كل الظروف الملائمة لممارسة الجالية الجزائرية في المهجر حقها التشريعي، في حين هي مرشحة في المستقبل القريب لاستعمال تكنولوجيات المعلومات وتمكينها من التصويت إلكترونيا وعن بعد دون الاضطرار إلى الدخول للوطن في ظل تسجيل عدد كبير لجاليتنا في الخارج حيث تقارب اليوم الثلاثة ملايين نسمة، 900 ألف منهم مسجل في القوائم الانتخابية وأكثرهم في فرنسا. وأضاف قائلا إن المهاجرين ليسوا أقل حبا للوطن من المقيمين بداخله، فالظروف الاقتصادية والاجتماعية هي التي تحكمت في مقر إقامتهم وليس من العدل حرمانهم ومنعهم من ممارسة حقهم الدستوري الذي يربطهم بوطنهم وينسيهم معاناة الغربة، والمقيمون ربما كانوا أحرص الناس على الهجرة والجزائر واحدة من البلدان المحكومة بهذه الفكرة، بدليل العدد الكبير للجالية المهاجرة ومشاركتهم في جل الانتخابات التي عرفتها الجزائر من قبل. كما أن أصوات المهاجرين تبقى دائما مرشحة في كل موعد انتخابي للارتفاع ليس فقط من حيث تعدادها الهائل الذي يرجح الكفة للحاصل عليها، إنما أيضا من حيث انطلاقها في وقت مبكر وتوسيع رقعة الحملات الانتخابية داخل البلدان التي تسجل وجود جاليتنا الجزائرية والتي باتت تلعب دورا فعالا في تحديد مصير الوطن. وأشار الأستاذ جابي إلى أن ممارسة الجاليات المهاجرة لحقهم الدستوري له تأثير نفسي كبير في الناخب داخل الوطن، فالمهاجرون من خلال إقدامهم، وتصريحاتهم المؤثرة بالبعد عن الوطن والحنين إليه تكون محفزا فعالا للمشاركة والإقبال على صناديق الاقتراع بقوة . وعادة ما لا تخرج تصريحات المغتربين الجزائريين عن الدعوة والأمل في رؤية الجزائر مستقرة، آمنة ديمقراطية وقوية وحديثهم المتواصل عن حنينهم لبلدهم الجزائر وتأسفهم عن العشرية السوداء وعن استعدادهم للمساهمة في بناء الوطن وغيرها من التصريحات التي تشجع الجزائريين أكثر في أداء واجبهم الدستوري . ولعل رئاسيات 1995 أكبر دليل على المشاركة القوية للجالية الجزائرية في المهجر حيث كانت نقطة تحول هامة في اكتشاف دور المهاجرين في التأثير على مجريات الأحداث داخليا، فخلال تلك السنة، كان من الصعب جدا إنجاح الرئاسيات. وأشار في الأخير أنه يرتقب اليوم أن يكون للمهاجرين كلمتهم، فالمنطق الذي يفكرون به في بلاد المهجر وهم المتشبعون بالحرية في التفكير وبالديمقراطية وبالحق في الاختلاف قد يكون محفزا للتشبث أكثر بالوطن.