بادر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإرسال المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل إلى الميدان مباشرة بعد تعيينه، وبداية من الغد سيبدأ هذا الدبلوماسي زيارة تشمل، كالعادة، إسرائيل ورام الله وعمان والقاهرة والرياض، وقبل أن يبدأ عمله كان أوباما قد رسم حدود الحركة وأهدافها بوضوح شديد. في أول لقاء له مع موظفي كتابة الدولة الأمريكية أعلن أوباما توجهه حيال الشرق الأوسط، فقد تحدث بلغة سلفه، وفضل أن يتضامن مع المدنيين الإسرائيليين الذين واجهوا خطر الصواريخ التي تطلقها حماس، وتحدث في مقابل ذلك عن مأساة الفلسطينيين وكأنها ناجمة عن كارثة طبيعية خلفت مجاعة كبرى وانتشار أوبئة قاتلة، وشدد على التزام أمريكا بحماية أمن إسرائيل، والأهم من هذا هو أنه اعتبر دور أمريكا هو مساعدة إسرائيل على تحقيق السلام مع الفلسطينيين والعرب وهو ما يعني مساعدتها على فرض مخطط التسوية الذي من أجله قتلت الأطفال والنساء والشيوخ في غزة وارتكبت أبشع جرائم الحرب. قبل أن يبدأ أوباما عمله كانت الدول الأوروبية المتحالفة مع إسرائيل قد وضعت خطة محكمة لمساعدة إسرائيل على سحق حماس، ولم يكن غريبا أن تكون فرنسا ساركوزي هي أول من يبادر بإرسال قوة بحرية لوقف ما يسمى تهريب السلاح بالتعاون مع إسرائيل ومصر، ففرنسا حليف قوي لتل أبيب، لكن الغريب هو هذا الإنكار المصري للتفاهم مع إسرائيل وأوروبا من أجل تشديد الخناق على القطاع برا وبحرا. الخطوة الأمريكية الأولى في عهد أوباما ستكون في الاتجاه الخطأ الذي سارت عليه كل الإدارات الأمريكية السابقة، والانحياز الكامل إلى إسرائيل، وتبني كل الأفعال التي يقوم بها الكيان الصهيوني بما فيها جرائم الحرب وعمليات الإبادة، تضع واشنطن بعيدا عن موقع الوسيط، وتزيد في إذكاء الشعور بالظلم لدى الفلسطينيين والعرب الذين لن يكون أمامهم إلا خيار واحد هو تصعيد المقاومة بكل الأشكال، فكل المحظورات أسقطتها جرائم إسرائيل التي زكاها الغرب بدون حياء، ومن الآن فإن فلسطين ليست أيرلندا وميتشل لن يقدر على تحقيق أكثر مما حقق أسلافه الذين تحولوا إلى سعاة بريد لدى مجرمي تل أبيب.