" عليكم بالدعاء لإخوانكم الفلسطينيين ليتوحدوا" إنه المقطع المؤثر والمحزن الذي جاء في كلمة سعادة سفير فلسطين وهو يتوجه بخطابه لمعشر الأئمة والمشايخ الذين جمعتهم الندوة الشهرية التي نظمتها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف يوم الأربعاء 28 جانفي بدار الإمام، تحت عنوان" المشروع الصهيوني في المنطقة العربية ومجزرة غزة" والتي نشطها نخبة من الأساتذة من مثل الدكتور الإعلامي محمد لعقاب والمؤرخ محمد القورصو والدكتور عمارجيدل وتأتي هذه الخطوة من أجل تمكين الأئمة من التفاعل مع قضايا مجتمعهم وأمتهم الواقعية والتواصل مع معشر المثقفين والسياسيين والأكاديميين حتى تتلاقح الأفكار وتتكامل في تصور يجمع بين خطاب القلب والعقل وتبليغه لرواد المساجد وللمواطنين عموما، بالأسلوب الذي يكون مردوده إيجابيا دون انفعالات قد تكون نتائجها سلبية. لقد وجدت في هذه المبادرة ما جعلني أستذكر ما روي عن الشيخ محمد الغزالي رحمه الله حيث قال " لقد نفذ من عندي كل ما تلقيته من علوم تعلمتها بالأزهر، ولكن حينما خرجت للناس وللمجتمع وجدت في كل يوم قضية أشتغل عليها"، أي أن التعامل مع قضايا الناس تجعلنا في صيرورة متجددة وهذا ما يجب أن يدركه بعض المثقفين أو المتعلمين من أصحاب الصالونات المغلقة أو بعض المشايخ الذين زهدوا في الاختلاط بالجماهير التي هي في حاجة اليوم أكثر من وقت مضى لمن يستمع إلى همومها وانشغالاتها ويهدي بها إلى بر الأمان ولو بالكلمة الطيبة، وفي هذه المناسبة التي خصصت للتضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق ومع الإخوة بغزة من خلال إبراز وحشية الكيان الصهيوني وكشف مخططاته التدميرية في حق الأمة العربية والإسلامية، كان لا بد من التنبيه وفي حضور السادة الأئمة أن بخاري الحركة الصهيونية واليهودية هو بحق الدكتور المرحوم عبد الوهاب المسيري صاحب الموسوعة الشهيرة "اليهود و اليهودية والصهيونية" التي استغرقت منه 25 سنة، وإنني لأرى أنه من الضروري أن توضع هذه الموسوعة الهامة و القيمة على رفوف مكتبات المساجد جنبا إلى جنب مع صحيح البخاري، ومما لا شك فيه إن معرفة خطط العدو وطريقة تفكيره هي جزء من الفرائض التي إن أديناها بوعي وإدراك سليم بالتأكيد نكون مأجورين ومنصورين بتوفيق الله و قدرته. إن استبعاد الفكر التآمري عن القضية الفلسطينية هو جزء من المؤامرة التي يراد لنا أن نسقط فيها كما عبر عن ذلك الدكتور عمار جيدل الذي أوافقه على ذهب إليه، ولكن حينما يقول أنه يجب أن نحافظ على المنسوب الإيماني المرتفع الذي وصلت إليه الأمة في هذه المرحلة من صراعنا مع الكيان الإسرائيلي، فالخوف كل الخوف أن يتبخر هذا المنسوب بسبب ضغوط الحياة اليومية في ظل الأزمة الاقتصادية المالية العالمية التي تهدد حتى الدول العظمى، بل حتى ولو استبعدنا ذلك ما هي الآليات والميكانزمات التي يجب وضعها حتى نحافظ على منسوبنا العاطفي والإيماني؟، هذا السؤال يفرض نفسه علينا بقوة لأنه في وقت مضى و في معارك سابقة مع الكيان الصهيوني ومع خروج الجماهير العربية و الإسلامي للشارع هاتفة بلعن إسرائيل و سقوطها، سئل أحد المسئولين من الكيان الصهيوني حول مثل هكذا مظاهرات، فما كان رده إلا في بضع كلمات قائلا " إنها شعلة ستطفئها بصقة"، فهل بمقدورنا هذه المرة الحفاظ على شعلتنا و الإبقاء عليها متَقدة؟