خرج المشيعون بقيادة الرئيس السوداني عمر حسن البشير أمس الجمعة لتشييع جنازة الأديب البارز الطيب صالح، بعد أن نقل جثمانه إلى الخرطوم، وحضر أكثر من 1500 شخص مراسم دفنه في مقبرة البكري في أم درمان على الضفة الغربية من النيل قبالة العاصمة السودانية يمثلون مختلف التيارات الحزبية السودانية إضافة إلى العديد من الكتاب والروائيين والفنانين. وقال وزير الثقافة السابق عبد الباسط إبراهيم في كلمة ألقاها في الجنازة التي حضرها وزراء إلى جانب الرئيس: إن صالح حقق شهرة عالمية. وحضر عدد محدود من النساء الجنازة، وهو أمر غير معتاد في السودان؛ حيث تقتصر الجنازات ومراسم الدفن على الرجال. وتوفي صالح في لندن أمس الأول الأربعاء عن عمر يناهز 80 عاما. وكان أكثر الروائيين العرب في القرن العشرين الذين ترجمت أعمالهم. وتركزت بعض أشهر أعمال صالح الأدبية على الاستعمار والصدام الحضاري مع الغرب. واكتسب الكاتب الذي أمضى أغلب فترة حياته العملية في أوروبا شهرة كبيرة بعد صدور روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" في عام 1966. ولد الطيب في شمال السودان عام 1929 ودرس العلوم في جامعة الخرطوم ثم سافر إلى لندن ودرس الشؤون الدولية وعمل في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، ثم عمل بمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) في باريس وكان ممثلا لها في منطقة الخليج، كما عمل في وزارة الإعلام بدولة قطر. ويُعدّ الطيب صالح واحدًا من أكبر الروائيين العرب في القرن ال20، وقد سطر اسمه في سجل الإبداع العربي بروايته الشهيرة "موسم الهجرة إلى الشمال" التي ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة، واستحق بها لقب "عبقري الرواية العربية"." يُعدّ الطيب صالح من أكبر الروائيين العرب في القرن ال20 وقد سطر اسمه في سجل " ورأى بعض الكتاب أن "موسم الهجرة إلى الشمال" طرحت قضية العلاقة بين الشمال والجنوب والإسلام والغرب بشخص مصطفى سعيد الذي غزا بريطانيا بعلمه وفحولته, قبل أن يطرحها المفكر الأميركي المثير للجدل صموئيل هنتغنتون بعشرات السنين. غطت شهرة هذه الرواية على روايته الأولى "عرس الزين" التي كتبت عام 1962 واستمرت مخيمة على باقي أعماله الأخرى التي صدرت في سبعينيات القرن العشرين. لكن "عرس الزين" حصلت على بعض الاهتمام عندما حولها المخرج الكويتي خالد الصديقي إلى فيلم يحمل الاسم ذاته, جرى عرضه في مهرجان كان عام 1974. وخلال عمله في "بي بي سي" في الخمسينيات كتب أول نص قصصي له بعنوان "نخلة على الجدول" وأذاعه عبر الإذاعة ذاتها. وأعقبه ب"دومة ود حامد" العمل الذي يتناول حياة قرويين سودانيين يتمسكون بأرضهم وقيمهم. ونُشر العمل عام 1960 بمجلة "أصوات" المتخصصة في الثقافة بلندن، وقد قام محرر المجلة المستشرق ديفد جونسون بترجمتها. أثناء إقامته في لندن -التي كان يعود إليها من رحلاته الكثيرة- اشتغل الطيب صالح بالكتابة الصحفية حيث شارك في مجلة "المجلة" العربية الأسبوعية عبر زاوية ثابتة على مدى عشرة أعوام سماها "نحو أفق بعيد". تناول فيها قضايا وهموم الكتابة بأجناسها المختلفة بقدر كبير من الجدية والرصانة. وقد عمل الطيب صالح لفترة في الإذاعة السودانية، حيث اشتهر بسرده لسيرة ابن هشام في برنامج "سيرة ابن هشام" وبتقديم مقابلات مع رواد سودانيين في الأدب والفن. حظي صالح بتقدير النقاد من كافة التيارات السياسية وصدرت عنه كتب نقدية منها "الطيب صالح عبقري الرواية العربية" بأقلام عدد من النقاد عام 1976 كما فاز بجائزة ملتقى القاهرة الثالث للإبداع الروائي عام 2005. ويجمع النقاد على اختلاف اتجاهاتهم على أن الروائي السوداني الطيب صالح، الذي رحل ، قد غزا العالمية مثلما غزا مصطفى سعيد بطل روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" أوروبا، بشوارعها وحاناتها ومؤسساتها الأكاديمية، وإن كان لم يستطع ان يغزو صورتها النمطية عن عالمه الذي يسكنه النيل وتسكنه الصحراء بغموضها وأسرارها وحكاياتها الرومانسية. وفي نهاية الشهر الماضي أرسلت مؤسسات ومراكز ثقافية في الخرطوم منها اتحاد الكتاب السودانيين رسالة إلى الأكاديمية السويدية ترشح فيها الطيب صالح لنيل جائزة نوبل في الآداب.