انطلقت أول أمس بمركز البحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران فعاليات الملتقى الدولي حول المسيرة الأكاديمية والفكرية للمؤرخ والمجاهد محفوظ قداش بمشاركة نخبة من المؤرخين والباحثين من ضمنهم المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا . يندرج الملتقى الذي تتواصل أشغاله على مدار ثلاثة أيام في إطار احتفاء مركز البحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران بالنخب الملتزمة في الحركات الوطنية وإبراز جهودها في هذا المجال . وتميزت أشغال اليوم الأول من الملتقى بتقديم عدة مداخلات حول شخصية ومسار المؤرخ الراحل . محفوظ قداش وفي هذا الصدد تناول المؤرخ فؤاد سوفي في مداخلته مساهمة محفوظ قداش في مجال البحث وكتابة التاريخ الفكري للجزائر مشيرا إلى أهمية كتابه " الجزائر للجزائريين"الذي تم التطرق إليه من قبل العديد من المحاضرين ردا للمقاربة المقللة للجغرافية التاريخية التي كانت تعتبرالجزائر كمجرد قطعة جغرافية. على غرار النخبة الجزائرية وأكد سوفي بأن محفوظ قداش انتفض في العهد الاستعماري بالنظر لما تعلمه في المدرسة إلى التزام محفوظ قداش بالقضية الوطنية و مساهمته وأشار المؤرخ الفرنسي روني قاليسو في جعل الجزائريين محور إشكالية تدوين التاريخ وإبراز فكرة الأمة الجزائرية، فيما تناول المؤرخان عبد الرحمن خليفة وجيلالي ساري الصرامة الأكاديمية للمؤرخ محفوظ قداش . للإشارة فإن المجاهد محفوظ قداش من مواليد 1921 بالقصبة، انخرط مبكرا في الحركة الوطنية الجزائرية، وكان الراحل عضوا في حزب الشعب انتصار الحريات الديمقراطية، شغل عام 1953 منصب أمين عام الكشافة الإسلامية الجزائرية، ثم رئيسا لها . وتعرض في عام 1961 لمحاولة اغتيال من قبل أعضاء من المنظمة المسلحة السرية، ونشر عدة مقالات في المجلة الإفريقية، كما شغل منصب نائب رئيس الجمعية الدولية لعلم المكتبات، ثم عمل مفتشا عاما لمادة التاريخ في وزارة التربية، ثم أستاذا للتاريخ بجامعة الجزائر بمعهد علم المكتبات والتوثيق سنة 1946. وفي عام 1970 نشر أحد أهم الكتب حول الجزائر العاصمة بعنوان الحياة السياسية في الجزائر العاصمة بين 1919 و1939 ، وفي عام 1980 نشر كتابه المرجعي حول تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية، كما نشر رفقة محمد قنانش كتابا يتضمن أدبيات الأمير خالد وحركة الفتيان الجزائريين، وعندما دخلت الجزائر مرحلة التعددية الحزبية ساهم محفوظ قداش في الحركة السياسة وناضل في صفوف حزب جبهة القوى الاشتراكية، حيث انتخب عضوا في المجلس الشعبي الولائي لمدينة الجزائر، ولم يمنعه النشاط السياسي من التأليف وإلقاء المحاضرات، حيث نشر سنة 1995 كتابا بعنوان" جزائر الجزائريين"، كما نشر كتابه الضخم حول تاريخ الجزائر منذ العصور القديمة" ليرحل عام 2006 بعد معاناة طويلة مع المرض.