كشف رئيس لجنة الجزائر في الجمعية الدولية للمؤسسات الفرنسية "الميداف" إيف تيبولت دو سيلقي بمقرها بباريس، في حديث مع "صوت الأحرار"، أن الاقتصاد الجزائري الذي خرج من الأزمة المالية العالمية سالما لا يحتاج للرأس المالي الأجنبي، إنه يحتاج للخبرة والمعرفة والتكوين، وهو يحتاج للشركات الأجنبية لامتصاص البطالة التي تمس الشريحة الأقل من 35 سنة، وأوضح أن التجارة بين فرنساوالجزائر متنامية جدا، بوجود 9 ألاف مصدر فرنسي، وأن الاستثمار الفرنسي في الجزائر خلق 35 ألف منصب شغل مباشر ونحو 100 ألف غير مباشر، مع تأكيده أن هناك قلقا أوروبيا متزايدا بخصوص تدابير الحكومة حول الاستثمار الأجنبي، ولم يستبعد أن يكون الموضوع على طاولة النقاش خلال زيارة بوتفليقة المرتقبة إلى باريس. قال رئيس لجنة الجزائر في الميداف، في حديثه أن الاقتصاد الجزائري، تمكن من مقاومة الأزمة المالية الدولية، والخروج منها سالما بفضل جملة من التدابير التي اتخذتها الدولة الجزائرية في وقت سابق، مثل التسديد المسبق للمديونية التي سمحت بهامش كبير من الاستثمار، مما مكنها من تحقيق نمو إيجابي قدر بحوالي 3 بالمائة سنة 2008، كما أن نسبة التضخم ظلت في المعدل العالمي حيث بلغت 5 بالمائة خلال نفس السنة، فضلا عن امتلاك الجزائر احتياطي صرف يفوق 140 مليار دولار، بدون الحديث عن تخصيص 150 مليار دولار للاستثمار خلال السنوات القادمة. إلا أن إيف تيبولت دو سيلقي، سجل ملاحظتين قال أنهما مخيفتين بالنسبة للاقتصاد الجزائري، الأولى التبعية للبترول بشكل مفرط، والثانية وجود 75 بالمائة من الشباب الأقل من 35 سنة في حالة بطالة، مما يعني حسبه أن الشركات المحلية لم تتمكن من استيعاب اليد العاملة المتوفرة وهو ما يعني أنها بحاجة لشركات أجنبية، واستنتج بذلك أن الجزائر لديها فائض مالي وليست بحاجة للرأس المال الأجنبي، لكنها تحتاج للأجانب لنقل الخبرة والمعارف والتكوين، وهو الأمر الذي كما قال تعمل عليه الشركات الفرنسية. وعند تطرقه للعلاقات الجزائرية الفرنسية، أوضح رئيس لجنة الجزائر في الميداف أن الاستثمارات الفرنسية في الجزائر بطيئة نسبيا لكنها متصاعدة، إذ ارتفعت مثلا بنسبة 50 بالمئة عام 2008 مقارنة بعام 2007، حيث بلغت 350 مليون أورو، لكنه وصفها بالضعيفة ودون مستوى العلاقات الثنائية والقرب الجغرافي، ورغبة رجال المال والأعمال، ودون مستوى التجارة المتنامية بين البلدين التي تعرف طفرة، حيث سجلت 10 مليار أورو، أي تضاعف الميزان التجاري ثلاث مرات خلال عامين، وتعد الجزائر أول شريك لفرنسا متجاوزة إيطاليا والولايات المتحدة، وبلغت الصادرات الفرنسية للجزائر نحو 5.4 مليار أورو، بينما بلغت وارداتها من الجزائر نحو 4.8 مليار أورو. وكشف رئيس لجنة الجزائر في الميداف أن هناك 9 آلاف مصدر فرنسي للجزائر، منهم ثلاثة أرباع مؤسسات صغيرة ومتوسطة، وبذلك تعتبر الصادرات الفرنسية للجزائر أهم من تلك الموجودة مع المكسيك والهند وكندا والمغرب وتونس على سبيل المثال، وأضاف أن الشركات الفرنسية في الجزائر التي تعتبر أول مستثمر خارج المحروقات حققت 35 ألف منصب عمل مباشر ونحو 100 ألف منصب شغب غير مباشر، مؤكدا أن الشركات الفرنسية في عمومها تعيد استثمار 80 بالمئة من الفوائد في الجزائر، وترتفع النسبة عند البنوك الفرنسية العاملة في الجزائر إلى 100 بالمئة. وسجل رئيس لجنة الجزائر في الميداف قلقا كبيرا في وسط المستثمرين الأوروبيين بصفة عامة، بخصوص التدابير الاستثمارية الجديدة التي اتخذتها الحكومة الجزائرية شهر ديسمبر 2008، قائلا: "هناك شعور بالخوف لأن تلك الإجراءات تضيق على الاستثمار وتحول الفوائد وتشترط إشراك الرأسمال المحلي. وقال أن الأوروبيين الذين تحادث معهم أخبروه أنهم يشعرون بانعدام المصداقية في التعامل مع الحكومة الجزائرية، ولم يستبعد تدخل اللجنة الأوروبية في الموضوع، فقد وصفها ب"دركي الاتفاقيات الأوروبية مع الدول الأخرى". لذلك لم يستبعد أن يكون هذا الموضوع على طاولة النقاش خلال زيارة الرئيس بوتفليقة لباريس قبل نهاية العام الجاري. وقال رئيس لجنة الجزائر في الميداف أن المستثمرين الأجانب الذين لم يبدؤوا الاستثمار بعد، سيغيرون وجهتهم نحو مناطق جغرافية أخرى إذا لم يعاد النظر في تلك التدابير، ونفى أن تتوقف الشركات التي بدأت الاستثمار في الجزائر عن مواصلة استثماراتها، لكنه في الوقت نفسه شكك في احتمال لجوء هذه الشركات إلى تعزيز استثماراتها. وفي السياق نفسه، صرح مسؤول فرنسي كبير يشتغل على ملف الاستثمارات الفرنسية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ل"صوت الأحرار" أن المفوضية الأوروبية بالجزائر، ومدير الغرفة الفرنسية للصناعة و التجارة والملحق التجاري للسفارة الأمريكية في الجزائر، بعثوا برسائل، تتضمن طلبات تفسير للإجراءات الأخيرة التي أقرتها الحكومة، مشيرا إلى أن هناك أيضا مشكل تأويل القوانين والتدابير وفهمها فهما موحدا وصحيحا. وفي ختام اللقاء قال رئيس لجنة الجزائر في اليمداف إيف تيبولت دو سيلقي أنه سيقوم بزيارة للجزائر في الفترة 22 و25 نوفمبر القادم للقاء رجال الأعمال الجزائريين والتشاور معهم وتقييم وضعية التعاون والاستماع لانشغالاتهم، ومعرفة مدى تقدم بعض المشاريع والاستفسار عن سبب تعطل مشاريع أخرى. وقال أن هذه الزيارة تأخرت لعدة أشهر لأن الميداف أجلها لانشغال الجزائر بالانتخابات الرئاسية، لذلك تقرر أن تعقد بعد شهر رمضان في الجزائر، وهو لقاء وصفه بالعادي، لأن هناك اجتماعا سنويا تنظمه الميداف حول الموضوع مع مختلف شركائها في العالم.