جاوز فرحات مهني كل الحدود في كلمته أمام الدورة الثامنة للهيئة الدائمة للشعوب الأصلية في الأممالمتحدة، فقد قال " بدعم المجتمع الدولي والهيئات التابعة لمنظمة الأممالمتحدة المكلفة بمراقبة احترام المواثيق الدولية المتصلة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، نتمنى أن نمارس معا الضغط على النظام الجزائري حتى يتمكن الشعب القبائلي من التمتع بكل حقوقه التي لن يحصل عليها إلا في إطار الحكم الذاتي الذي يطالب به من خلال الحركة من أجل استقلال القبائل (ماك)". قد تكون هذه الأفكار قديمة ومعروفة عن فرحات مهني، لكنه ذهب بعيدا هذه المرة عندما قال " إنني أدعو شخصيا كل الضمائر المتنورة في جميع أنحاء العالم لمساعدة هذا الشعب ذي العشرة ملايين نسمة الذي يفضل حلا سياسيا هو الحكم الذاتي على الحل العسكري رغم أنه يعتبر في حالة دفاع مشروع عن النفس" وهذا الكلام خطير بكل المقاييس، وهو بكل تأكيد يحمل تهديدا ضمنيا باللجوء إلى العمل المسلح في يوم من الأيام، ولنا أن نتخيل كيف يمكن أن يتلقى بعض المتطرفين في الداخل، وبعض الأطراف التي يهمها تقسيم البلد في الخارج، هذه الرسالة من فرحات مهني. حركة "ماك" هي حركة انفصالية، لا يمكن تسميتها بغير هذا الاسم، وهي تدعو إلى تقسيم البلد، وتتوعد باللجوء إلى السلاح من أجل هذا، وهي لا تتحدث عن الأمازيغية أو عن البربر بل عن الشعب القبائلي، ولا نعرف إلى حد الآن أن هناك شعبا قبائليا وآخر شاويا وثالثا ميزابيا في الجزائر، وأكثر من هذا فإنه يتحدث كممثل لشعب أصلي مضطهد، كما هو شأن الشعوب الأصلية في أمريكا وأستراليا، وهي شعوب تعرضت للإبادة على مدى عقود كثيرة من الزمن. لكي يعلن فرحات مهني عن موقفه بشكل أوضح فضل أن يناقض الموقف الرسمي الجزائري من قضية الصحراء الغربية، فأثنى على المبادرة المغربية للحكم الذاتي، واعتبر أن الصراع هناك يدور بين الجزائر، التي تتحكم في البوليساريو، وبين المغرب الذي يقترح حكما ذاتيا الذي يبقى الحل الوحيد لهذا النزاع. بعد هذا هل يستطيع أحد أن يضع مهني وأنصاره في موقعه الصحيح وأن يصنف مواقفه في الخانة التي يستحقها؟ المطلوب من السلطة ومن الذين يقولون أنهم الأكثر حضورا في منطقة القبائل أن يقدموا إجابات واضحة ومواقف حازمة لأن القضية تبدو أكثر جدية مما تصورنا.