طالب الوزير الأول الصحراوي وعضو الأمانة الوطنية للبوليساريو في حديث ل "صوت الأحرار" على هامش إحياء ذكرى اندلاع الكفاح المسلح بتيفاريتي المحررة باستبدال المبعوث الأممي بيتر فان فالسوم بوسيط جديد واعتبره ذلك شرطا لاستئناف الجولة الخامسة من المفاوضات، رافضا اتهام الجزائر بقيامها بمناورة في القضية الصحراوية، كما أكد أن المشاركة الإيرانية في الاحتفالات أكدت موقف إيران الداعم والثابت من تقرير مصير الشعب الصحراوي. حاوره بالأراضي المحررة تيفارتي: عزيز طواهر *ماذا تمثل بالنسبة لكم الاحتفالات المخلدة للذكرى الخامسة والثلاثين لاندلاع الكفاح المسلح بالصحراء الغربية؟ كان يوم 20 ماي 1973 اللحظة الفاصلة التي قرر فيها الشعب الصحراوي أن يخوض معركة الحرية والكرامة ن معكرة لا عودة فيها من أجل انتزاع حقوقه المشروعة في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة. إن تلك الشعلة المتقدة لم تكن لتخبو أمام الغزو المغربي، كما أن تلك المقاومة لم تكن لتنطفئ أمام الممارسات اللاإنسانية التي قام بها المغرب ضد شعب أعزل لا حول له ولا قوة، لكن رغم كل أعمال القتل والقنبلة بالنابلم والفسفور الأبيض ورغم معاناة اللاجئين الصحراويين الذين أخرجهم الغزو المغربي من ديارهم ظلما وعدوانا سنواصل الكفاح من أجل تحرير هذه الأرض والحصول على الاستقلال التام. كما لا يجب أن ننسى بأن هذه الذكرى هي احتفالية مزدوجة، لأنها تصادف كذلك الذكرى الثالثة للانتفاضة المعلن عنها في 21 ماي 2005 التي سبقتها بطبيعة الحال انتفاضة الزملة التاريخية في 17 جوان 1970 ضد الاستعمار الاسباني ويضاف إلى هذا كفاح الشعب الصحراوي المستميت والدائم ضد كل القوى الاستعمارية عبر التاريخ من اجل تحقيق استقلاله. *ما هي الرسالة التي تضمنتها هذه الاحتفالات في رأيكم؟ هذه التظاهرة أتت بالأهداف المرسومة لها وهي ممارسة السيادة الوطنية على الأراضي الصحراوية رغم التهديدات التي قام بها المغرب من خلال بعث رسائل للأمم المتحدة الهدف منها التأكيد أن هذه المناطق ليست محررة وإنما هي مناطق عازلة. والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بنفسه قد أشار أنه أي نشاط يقام على هذه الأراضي مشروع ما دام على بعد 100 كيلومتر على الحزام، فهذا لا يعتبر مساسا بالاتفاق العسكري المنظم لإجراءات وقف إطلاق النار. والمغرب الآن يلتزم الصمت على خلاف المرات الماضية التي كان يقوم فيها بإحداث ضجة كبيرة ولم يبقى له الآن إلا أن يسلم بالأمر الواقع والاعتراف بالصحراويين كشعب مستقل قائم بذاته. كما أن المغرب لا يملك في الوقت الراهن إلا خياران كلاهما أمر، فإما أن يخرق وقف إطلاق النار ويخرج من الحزام وبهذا تنتهي الهدنة المتفق عليها أو السليم بأنه للصحراويين حق في ممارسة سيادتهم على هذه الأرض وهذه المرة لا يمكنه أن يتهم الجزائر بأي مناورة لأن النشاط الذي قمنا به كان على الأراضي الصحراوية المحررة. *كيف تقيمون المشاركة الدولية المعتبرة في هذه التظاهرة، بما فيها إيران التي قال المغرب بأنها قاطعت القضية الصحراوية؟ هؤلاء الجموع المشاركون في هذه التظاهرة التاريخية سيكونون شهودا على كفاح الشعب الصحراوي، كما أنهم يؤيدون القضية ويدعمونها من خلال هذا الحضور وأن الشعب الصحراوي حقيقة قائمة لا يمكن لأحد أن ينكرها مثلما يدعيه المغرب. هناك أكثر من 400 مندوب جاؤوا من مختلف القارات، ممثلين عن دول وبرلمانات ومنظمات دولية ، بالإضافة إلى الحضور القوي للإعلاميين الأجانب بما يؤكد مشاركة أكثر من ألف شخص في هذه التظاهرة. أما فيما يتعلق بالمشاركة الإيرانية، فتعد الأولى من نوعها منذ 20 سنة وهذا ما ينفي أن إيران رجعت عن اعترافها بالقضية الصحراوية والشعب الصحراوي وهذا غير صحيح كما قلت بطبيعة الحال، فإيران لم تسحب يوما اعترافها بالصحراء الغربية، والرئيس لإيراني احمدي نجاد كان قد أكد في مرات عديدة بأن موقف بلاده من القضية ثابت وغير قابل للتغيير. وها نحن اليوم نرى الممثل الإيراني من السفارة الإيرانيةبالجزائر يحضر الاحتفالات بشكل رسمي وعلني للتأكيد على الموقف بما يدع إلى الشك أو الريبة. *كيف تلقت القيادة الصحراوية التصريحات الأخيرة للوسيط الأممي "بتر فان فالسوم"، وكيف سيتم التحضير للجولة الخامسة من المفاوضات؟ القيادة الوطنية اتخذت موقفا رسميا يقوم على أساس أن "بتر فان فالسوم" لم يعد وسيطا صالحا ولا يمكن التعامل معه من الآن فصاعدا لأنه انحاز للطرح المغربي من خلال تصريحاته التي قال فيها أنه لا يرى قيام دولة مستقلة بالصحراء الغربية وإنما لا يمكنها أن تقوم إلا في إطار الحكم الذاتي. وبالتالي فإن الجولة الرابعة من المفاوضات قد فشلت ويجب التفكير في الجولة الخامسة، لأنه مباشرة بعد الجولة الرابعة جاء تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي طرح ضرورة استمرار المفاوضات من أجل تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره والقيام بالاستفتاء. كما جاء القرار رقم 13/13 الذي يطالب بضرورة استمرار المفاوضات وعليه لا يمكن أن نقول بأن الجولة الرابعة من المفاوضات لم تحرز أي تقدما ولا بد من وسيط جديد كشرط أساسي لا رجعة فيه للذهاب إلى الجولة الخامسة من المفاوضات، حيث يجب أن يلتزم هذا الوسيط بالحياد والموضوعية والانطلاق مكن قرارات مجلس الأمن التابع للمنظمة الأممالمتحدة الذي يرى في المفاوضات الوسيلة الوحيدة لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره على عكس ما يدعيه المغرب في إطار مقاربة "الواقعية السياسية" التي تؤكد تبعية الصرحاء الغربية للمغرب واستحالة حصول هذا الشعب على الاستقلال. *وماذا عن المناورات الفرنسية في القضية؟ فرنسا ما زالت متمسكة بنفس الموقف المعارض للقضية الصحراوية وكنا نتمنى أن تغير من موقفها مع قدوم قيادة جديدة الممثلة في الرئيس الجديد نيكولا ساركوزي، لكن هذا لم يحدث وفرنسا لا تزال تهدد باستعمال حق الفيتو على مستوى منظمة الأممالمتحدة وتعارض تماما إدراج مسألة حقوق الإنسان في اللائحة الأخيرة لمجلس الأمن ولقد كانت دائما عقبة في تقدم القضية الصحراوية. وفي رأيي فإن فرنسا لا تزال تتصرف بخلفية استعمارية تنبع من حقد دفين على الجزائر التي تساند القضية الصحراوي بكل قواها كما لم تتخلف يوما عن مساندة القضايا العادلة عبر العالم ضد كل احتلال أو استعمار ينبذ حق الشعوب في تقرير المصير. *على ضوء هذه المعطيات، كيف تقيمون الموقف المغربي؟ المغرب لا يزال متعنت ويرفض لكل الحلول الوسيطة التي من شأنها أن تضع حدا للمشاكل العالقة التي تمخضت عن خروج الاحتلال الاسباني من الأراضي الصحراوي سنة 1975، كما أنه لا يزال مصر على جدار العار الذي يفصل الصحراء الغربية ويقسمها على قسمين أراضي محتلة وأخرى محتلة، دون أن ننسى بأن المغرب لم يسمح لحد الساعة للمراقبين الدوليين بزيارة الأراضي المحتلة بما فيها العاصمة الصحراوية "العيون" التي تقع تحت طائلته ويمنع بذلك أي صوت يخرج عن تيار السياسة المغربية. *المغرب يجعل من القضية الصحراوية عقبة لاستكمال صرح المغرب العربي، كيف تقيمون هذا الموقف؟ في تقديري موقف المغرب لا يكاد يخرج عن نطاق مناورة لا أساس لها في الواقع، لأنه وفي كل الأحوال مطالب باحترام الحدود الموروثة عن الاستعمار بما يضمن استقرار وأمن القارة السمراء ويكرس في الوقت ذاته مبدأ الحق في تقرير المصير. وإذا شرعنا في تغيير الحدود كل مرة، لأن ذلك سيمس بشكل مباشر استقرار الدول في إفريقيا وبالمقابل يجب أن نفهم أن كفاح الشعب الصحراوي هو كفاح عن مبادئ تقوم علي أسس السلم والعدالة من اجل استرجاع حقه المسلوب في الوقت الذي لا مكن فيه للمغرب أن ينتهج مثل هذه المبادئ السامية والانخراط في سياسة التعايش والسلم. *وعن قضية الألغام المضادة للأشخاص التي يرفض المرغب نزعها والتي لا تزال تحصد آلاف من أرواح الصحراويين؟ في حقيقة الأمر لقد قمنا نهاية هذا الأسبوع بتدمير قرابة 2500 لغم مضاد للأشخاص التزاما باتفاقية أوتاوا التي وقعت عليها الجمهورية الصحراوية سنة2006 والقاضية بتدمير هذه الألغام، بالإضافة إلى اتفاقية نداء جنيف التي وقعت عليه الجمهورية في 3 نوفمبر 2005 القاضي دبورها إلى حضر استعمال هذه الألغام أو زرعها. وهذا ما يؤكد حسن نيتنا في احترام القانون الدولي ودعوة المغرب لانتهاج مثل هذه المبادرات السلمية. يحدث هذا في الوقت الذي يرفض فيه المغرب وبكل الأشكال التوقيع على هذه الاتفاقيات بعد أن قام بزرع أكثر من خمسة ملايين للغم مضاد للأشخاص على طول الجدار العازل أو ما يسمى بجدار العار والذي يبلغ طوله 2500 كلم والذي لا يحب أن ننسى انه نابع من فكرة يهودية باعتبار أن المستشار الرئيسي للملك حسن الثاني كان من أصل يهودي. *وكيف سيتم حل مشكل العائلات التي يفرقها جدار العار في وقت أكدت فيه رئيسة نداء جنيف أنها تحصلت على قبول مغربي لزيارة مدينة العيونالمحتلة في 10 جوان القادم بعد ثلاثة سنوات من المفاوضات مع المغرب؟ هي مجرد إدعاءات وبالرغم من أن المفاوضات بين نداء جنيف والمغرب أخذت وقتا طويلا ومنحوهم هذا القبول، إلا أنها تبقى مجرد وعود لا أصل لها في الواقع لأن المغرب دائما يناور ويقول بأنه سيمنح موافقته من أجل تمكين السيدة اليزابيت ديكار رئيسة نداء جنيف من زيارة مدينة العيونالمحتلة. لكننا نبدي ارتياحا إلى هذه المبادرات ونتمنى أن يفي المغرب بوعوده ويمتثل للشرعية الدولية ويلتزم باحترام القوانين الدولية التي لا يزال يخرقها دون أن يخضع إلى عقوبات دولية. وسيتم رغم كل ذلك الشروع في تنظيم زيارات بين العائلات المتواجدة في مخيمات اللاجئين والأراضي المحررة وبين تلك المتواجدة في الأراضي المحتلة والتي بدأت منذ سنتين فقط تحت إشراف المفوضية السامية للاجئين. *في ظل هذا المد والجزر، ماذا عن احتمال العودة إلى الكفاح المسلح؟ في حال عدم امتثال المغرب للمفاوضات التي لا يزال الشعب الصحراوي يرى فيها أملا باعتبار أنها تمثل حلا سلميا للقضية من شأنه أن يجنبنا خسائر كبيرة، فإن الشعب الصحراوي يرى في الكفاح المسلح احتمالا قائما يمكن اللجوء إليه في أي وقت من أجل إحقاق الحق وإرجاعه إلى أصحابه، خاصة بعد فشل مفاوضات الجولة الرابعة ومناورات فرنسا وتصريحات الوسيط الأممي الأخيرة.