عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    منظمة التعاون الإسلامي: "الفيتو" الأمريكي يشكل تحديا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانا في حماية الاحتلال    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    10 آلاف مشروع مصرح به بقيمة تقارب 4.340 مليار دج    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    التزام عميق للجزائر بالمواثيق الدولية للتكفّل بحقوق الطفل    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء: السيدة روز-كواتر تلتزم بتجسيد مبادئ الديمقراطية والحكم الراشد    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    اكتشاف الجزائر العاصمة في فصل الشتاء, وجهة لا يمكن تفويتها    الطريق السيار شرق-غرب: دفع رسم المرور غير مدرج في برنامج الحكومة    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الأسبوع الاوروبي للهيدروجين ببروكسل: سوناطراك تبحث فرص الشراكة الجزائرية-الألمانية    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بغرداية : دور الجامعة في تطوير التنمية الإقتصادية    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    أمن دائرة بابار توقيف 03 أشخاص تورطوا في سرقة    استفادة نحو 20 إطارا من تكوين    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    عرقاب يستعرض المحاور الاستراتيجية للقطاع    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    خدمة الوطن.. وتجسيد برنامج الرئيس    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    هتافات باسم القذافي!    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    سيفي غريب يستلم مهامه كوزير للصناعة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوزيرة السابقة والمناضلة سعيدة بن حبيلس ل " صوت الأحرار"
نشر في صوت الأحرار يوم 21 - 06 - 2009

* تعرضت للضرب من طرف قوات المارينز الأمريكية عندما كنت على سفينة سلام
* أفضل النضال الميداني على المناصب السياسية
* تحزيب الجمعيات يشكل خطرا على المجتمع المدني في الجزائر
*الجزائريون وحدهم من يحق لهم الحديث عن حقوق الإنسان في بلادهم
سعيدة بن حبيلس،اسم يكتب بحروف من ذهب في عالم النضال من أجل إعلاء كلمة الحق لا على المستوى الوطني فحسب بل أيضا على الصعيد الدولي، ساهمت عائلتها العريقة التي تجمع بين العروبة والإسلام والأمازيغية في صقل شخصيتها، أمنت بأن كلمة تضامن تعني حفظ كرامة الإنسان من خلال النزول إلى الميدان ووقفت في وجه الإرهاب رغم تعرضها للموت عدة مرات، سعيدة أكدت في حوار ل "صوت الأحرار" أنها تفضل النضال على المناصب السياسية.
اجرت الحوار: سهام مسيعد
* مولودة في عائلة محافظة متشبعة بالروح الوطنية والثقافة الأمازيغية والعربية الإسلامية، وبحكم هذا الوسط العائلي انضممت خلال سنوات الثورة وكنت خلالها صبية أبلغ من العمر7 سنوات إلى الكشافة الإسلامية الجزائرية التي كانت مدرستي الأولى بعد عائلتي، وقد ترعرعت في هذه الأسرة ونهلت من روح التضامن وحب الوطن، والعطاء، والحرية والكرامة، بعد أن تكونت في الكشافة التحقت بالاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، هذا الفضاء الذي تمكنت من خلاله من تعميق الروح الوطنية، حيث تشبعت بالمباديء والقيم الإنسانية العالمية والتي تنبع أصلا من قيم الأصالة، ومن خلال عملي النضالي في صفوف الاتحاد كنت مهتمة جدا بالنضال في فرع التطوع.
** يعرف الجميع أنك ابنة الشيخ محمد كتو رحمه الله، فماذا يمثل لك؟
* الشيخ كتو هو خالي وليس والدي مثلما تروج له بعض وسائل الإعلام، لكنه أشرف على تربيتي، وأنا تأثرت به كثيرا، وبحبه للوطن، وصراحته وشجاعته، ومنطقه، نحن أصلا من عائلة تيفريت نايت الحاج وهي قرية في العزازقة بإيعكورن ونحن من الشرفة لدينا زاوية يقصدها سكان القرى المجاورة، وعندما وصلت فرنسا إلى المنطقة خاف جدي نصرنة أبنائه وأحفاده، ففر إلى تونس بحثا عن الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية وكسب المزيد من المعرفة في مجال اللغة العربية، وقد استوطن جدي في تونس وسجل أبناءه في جامع الزيتونة .
** من أين حصلت بن حبيلس على بذرة النضال، وما هي الظروف التي أثرت فيها؟
خلال ثورة التحرير كنت صغيرة السن أبلغ من العمر 14 عاما، وكان لي أخ كبير التحق بصفوف الثورة يبلغ من العمر 16 عاما، بينما رفض الثوار انضمامي بسبب صغر سني، فحملت منذ ذلك الوقت إحساسا داخليا بأن الوطن يحمل علي دينا ولابد أن أسدده، ومن هنا بدأت بوادر النضال تتحرك داخلي.
** هلا حدثتنا أيضا عن بعض مراحل نضالك؟
* عام 1966 كنت ضمن مجموعة من الطالبات، نزلنا إلى ورقلة كمتطوعات، وعند وصولي إلى هذه المنطقة، اتضح لي وكأنني لم أكن في الجزائر المستقلة، أناس حفاة، عراة، وأجانب يتصرفون كما يحلو لهم وكأنهم في مستعمرة، وكان هذا الموقف بمثابة الصفقة التي فتحت عيني على واقع آخر، وفهمت حينها أن النضال الحقيقي ليس في العاصمة، بل في أعماق الجزائر وفي المناطق الريفية والنائية، وبحكم أن أخي يعمل في ورقلة قررت أن ألتحق بهذه الولاية حتى أناضل لترقية المرأة، خاصة وأنمني قد وقفت كثيرا على حالات فتيات غير متمدرسات ونساء منكمشات على أنفسهن، وبحكم اختصاص في التربية وعلم النفس، كنت من أوائل الجزائريات اللواتي التحقن بالتعليم في ولاية الواحات التي تمتد من الأغواط إلى تمنراست والتي تم تقسيمها فيما بعد إلى7 ولايات، وقد التحقت بهذا المنصب عام 1967 ومنذ ذلك الوقت لم أغادر المنطقة، وفي نفس العام أي 1967 كان لي شرف المشاركة في تحضير مؤتمر اتحاد النساء الجزائريات، حيث اتصلت بي السيدة ليلى الطيب وهي أمينة وطنية في اتحاد النساء الجزائريات بصفتي الإطار النسوي الوحيد في المنطقة، كنت شابة حينها، وكانت المشاركة في تحضير هذا المؤتمر شرفا كبيرا بالنسبة لي، وكان هذا المؤتمر أيضا مناسبة كبيرة لي لأزور أقصى الجنوب إلى تمنراست وغيرها من الولايات، وعندما أتحدث عن جنوب عام 1967 فإنه يختلف تمام عن جنوب عام 2009، حيث لم تكن هناك وسائل نقل مريحة كما هو متوفر حاليا، ولكم تكن هناك طرقات مثلما هي حاليا، ورغم التعب فإن التجربة كانت رائعة جدا، ومنذ ذلك الحين لم أتوقف عن النضال لصالح نساء المنطقة .
وعلى الرغم من أنني ترأست مؤتمر اتحاد النساء الجزائريات، إلا أنني لم أكن يوما عضوا في الأمانة الوطنية لهذا الاتحاد ومازلت أجهل السبب إلى يومنا هذا.
وبعد أحداث 1988 بقيت في نفس النشاط، إلا أن تسارع الأحداث في الجزائر سمح لي بخوض معركة أخرى هي معركة حقوق الإنسان، وقد كان لي شرف تمثيل رابطة حقوق الإنسان في الجنوب الشرقي في سنوات التسعينات.
وعقب إحدى الحوادث الأليمة بعد حرق بيت إحدى النساء في ورقلة وموت ابنها والتي كانت إحدى القضايا التي دافعت عنها، لاحظت أن هناك عدة أمور تحدث حولنا وتحتاج إلى أن نتوقف عندها، هناك أساتذة يمنعون أطفالنا من تحية العلم، ويمنعونهم من عدة أمور أخرى، كانت هناك تصرفات جعلتني أستيقظ، وأفهم أن هناك خطرا حقيقا يهدد المجتمع الجزائري.
وأذكر جيدا أنني قد أثرت هذه المخاوف خلال اجتماع الأمينات الولائيات للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات في 12 جويلية عام 1988 ، وقد كان رد زميلات لي بأن الطرح الذي أقدمه مبالغ فيه، غير أن الرد على كلامهن جاء بحلول أحداث 5 أكتوبر.
وهنا بدأ نضالي يأخذ منحى جديدا، فقد عملت بمساعدة البقية على نشر ثقافة السلم والتسامح، وحماية مباديء الإسلام من خطورة التدخل الأجنبي، وخطورة استعمال التطرف الديني في أغراض سياسية، وأذكر جيدا أنني جئت من ورقلة إلى الجزائر عام 1990 للمشاركة في مسيرة بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات حيث طالبت فيها بتوقيف هذا المسار الانتخابي وقد تصدرت صورتي الصفحة الأولى لجريدة "ماري كلار" الفرنسية، وقد غيرت هذه الأحداث مسار حياتي.
بعد أحداث 1988 غادرت الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، بسبب عدم اتخاذه أي موقف تجاه ما يجري من أحداث، فإذا كانت المرأة منا لا تجد الاتحاد إلى جانبها وهي تغتصب أو يغتال أحد أفراد عائلتها من طرف الإرهاب فمتى ستجده، ما هو دوره كاتحاد للنساء؟. بحكم التعددية وحرية إنشاء الجمعيات، قررت في 16 أفريل 1990 في ورقلة إنشاء الحركة النسائية للتضامن مع الأسرة الريفية لسببين اثنين هما أنني أعرف حق المعرفة، وأقدر حق التقدير عادات الريف، وتقاليده، وثانيا من أجل رفع مستوى المرأة داخل الأسرة الريفية لتشارك هذه المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل في حل مختلف المشاكل، لسنا نؤمن بالفرق بين المرأة والرجل بل إننا نؤمن بالتكامل بين مختلف أفراد المجتمع ونضالنا مبني على الاحترام المتبادل.
** كيف انتقلت إلى النضال في مجال حقوق الإنسان وضحايا الإرهاب؟
* أفضل استعمال عبارة "سنوات الجمر" بدل العشرية السوداء، وقد كان عالم الريف فيها الضحية الأولى بعدد ضحاياه، وعدد المغتصبات والثكلى، لذا كان لنا خياران إما أن ننظر إلى هذا المشكل على أنه يهم السياسيين بالدرجة الأولى ونقف موقف المتفرج، أو أننا نفكر كنساء جزائريات غيورات على الجزائر وعلى مباديء ورموز ثورة الفاتح من نوفمبر التي استهدفها الإرهاب، وقد اخترنا الخيار الثاني، ودخلنا بقوة إلى الجبهة التي ساهمت في إنقاذ الجزائر، وتكفلنا بضحايا الإرهاب، ثم انتقلنا إلى مرحلة أخرى تتمثل في إسماع صوت الجزائر للعالم ونقل الحقيقة لمختلف الدول.
ومثلما كنا في الطليعة في مكافحة الإرهاب، قمنا بدور إيجابي في شرح المصالحة الوطنية مركزين في ذلك على العمل الجواري من خلال الاحتكاك المباشر مع مختلف الشرائح الاجتماعية، وأعتقد أن هذا العمل الجواري قد ساهم في إعطائنا مصداقية على المستوى المحلي عند العائلات ورؤساء القبائل، وأيضا على المستوى الدولي حيث كنا بمثابة الصدى الحقيقي لواقع الجزائر في العالم.
بعدها بادرت إلى تأسيس الفيدرالية العالمية لجمعيات ضحايا الإرهاب التي تضم كلا من إسبانيا، فرنسا،وإيرلندا الشمالية، كما أنني عضوة في شبكة التحالف الدولي لنساء السلام الذي أسسته سوزان مبارك، وتربطني علاقات وطيدة مع الشيخة فريحة، كما أنني أيضا من مؤسسي منظمة الأم المغاربية.
** تحصلت على عديد من الشهادات الوطنية و الدولية هلا عددت لنا بعضها ؟
* حزت على عدة شهادات اعتراف وتقدير وطنية أهمها رسالة الشكر التي وجهها لنا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة والتي ثمن من خلالها جهودنا، إلى جانب جائزة الأمم المتحدة للمجتمع المدني، جائزة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وتكريم من طرف الوزير الأول الفرنسي والحكومة الفرنسية، جائزة دولية اسبانية للعمل من أجل الذاكرة والتضامن من ضحايا الإرهاب، كما تلقيت رسالة من الباب يوحنا بولص الثاني عام 1993 خلال مؤتمر دولي حول السنة الدولية للأسرة.
ولن يفوتني في هذا الصدد أن أذكر أنني رشحت عام 1997 لجائزة سلام دولية تسمى "جائزة نوبل البديلة للسلام" ، كما تلقيت عدة رسائل من طرف شخصيات دولية منها تيريزا فرنانديز نائبة رئيس الحكومة الإسبانية التي أسست جمعية " نساء من أجل مستقبل أفضل" وقد اختارت عدة شخصيات نسائية من العالم لتنضم إليها، وكنت أنا ممثلة بلدان شمال إفريقيان وقد شاركت في آخر اجتماع للجمعية في 2008.
** كنت أيضا إحدى ضحايا سنوات الجمر، وتعرضت لمحاولة اغتيال، هلا حدثتنا عن ذلك؟
* الموت كان أمامي خلال سنوات التسعينات ولم أكن أخاف منه، حيث أنني كنت أزرو عديد المناطق الخطيرة مثل الأربعاء في البليدة ومفتاح، من أجل المشاركة في تشييع جنازات ضحايا الإرهاب، ولم أكن حينها أضع نظارات أو خمارا من أجل إخفاء وجهي لأنني كنت أريد أن يعرف الجميع أنني ذهبت لمؤازرة الضحايا.
وأذكر مرة أنني عندما كنت عائدة من الأربعاء و بالضبط في براقي، اعترض طريق سيارتي شخصان مسلحان، وقد أمرت السائق والمرافق لي بان ينزل وأن يعطيني سلاحه، ولما نزلا وضعت المسدس في فمي حتى إذا اقترب مني الرجلان المسلحان كنت سأقتل نفسي، واعتقد أن ذلك لا يعد انتحارا بل هو حماية للنفس من الاغتصاب، بعد ذلك تعرضت ابنتي الوحيدة لمحاولة اختطاف أمام الجامعة المركزية، لكن رجال الأمن سرعان ما تدخلوا لإنقاذها، لينتهي الأمر بسلام ، لقد كان المتطرفون يستغلون الطبقة الهشة الضعيفة، وكنت أنا أخاطر بحياتي من أجل الدخول إلى هذه المناطق، ويبقى الإنسان إنسان أولا وأخيرا لكن الإرادة دائما أقوى من الخوف.
** هل تعتقدين أن دسترة الحقوق السياسية للمرأة في الجزائر من أهم المكاسب التي تم تحقيقها؟ وكيف يمكن لها بلورة هذا المكسب لنيل حقوق أخرى؟
* في الحقيقة عندما أنظر إلى ما حققته المرأة من مكتسبات وما قدمته من تضحيات، فإنني أجد أن هناك فرقا شاسعا بينهما، لكن بعض المكتسبات تشجعنا على مواصلة الطريق لتحسين وضع المرأة، وأعتقد أن دسترة الحقوق السياسية للمرأة التي جاء بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من خلال التعديل الأخير للدستور تعد إحدى هذه المكاسب الهامة، الرئيس كانت عليه بعض الضغوطات فبعض الأحزاب قلت نعم للتعديل ولكن...، لكنه مع ذلك تشجع ورفع التحدي وحقق ذلك من خلال المادة 31 مكرر التي تعد مكسبا عظيما للمرأة. وأعتقد أن المسؤولية اليوم تقع على المرأة ثم على الأحزاب السياسية من أجل بلورة هذه المكتسبات، فالمرأة هي المسؤولة على تجسيد هذا القرار من خلال كفاءتها ووعيها السياسي، واستيعابها بكونها تشكل قوة سياسية بإمكانها أن تساوم على مكانتها في الأحزاب السياسية . أعتقد أن المرأة التي تقبل أن تكون مجرد ملء للفراغ في القوائم الانتخابية ليست أهلا لقرار رئيس الجمهورية، لا يجب أن نكون دمى صالونات بل علينا أن نترقى على أساس الكفاءة ، ولهذا فإن نظام الكوطة جيد كخطوة أولى.
وهناك مشكل آخر يتمثل في غياب التضامن النسوي النسوي فمن تجربتي المتواضعة لاحظت أن هناك نقضا في التكاتف بين النساء، هناك إطارات نسائية تعد على الأصابع ، يجب أن نتضامن من أجل المجتمع الجزائري ومختلف الفئات التي نناضل من أجلها. أما بالنسبة للحقوق الأخرى للمرأة، فقد لمست إرادة سياسية قوية لدى الدولة على تعزيزها من خلال وضع عديد من الآليات والأموال، لكن النساء ليس لديهن الوعي الكافي بهذه الآليات مما يمنع استغلالها بشكل جيد.
** ما رأيك في المجتمع المدني الجزائري؟
* نؤمن بالتكامل بين المجتمع المدني والدولة لأن الكل يصب في الأول والأخير في مصلحة البلاد، أعتقد أيضا أن تحزيب الجمعيات يشكل خطرا على المجتمع المدني والجمعيات لأن الحزب دائما يطمح إلى تحقيق نتائج سياسية ملموسة، على عكس الجمعيات التي تعد صوت المجتمع وضميره.
** ما رأيك في الأصوات التي تتعالي في كل مرة لترسم صورة سوداوية لحقوق الإنسان في الجزائر ؟
* صوت ليس غريبا منذ سنوات التسعينات الناس التي تقدم لنا دروسا في حقوق الإنسان تصمت عن وضع هذه الحقوق وتصم آذنها عن أصوات الشعوب المناضلة في سبيل تحررها، وتقرير مصيرها، مثل وصمة العار التي حدثت مؤخرا في غزة والتي يجدر بهؤلاء أن يعملوا على معاقبة مرتكبيها بدلا عن انتقاد حقوق الإنسان في الجزائر.
عندما كانت الجزائر في أزمة اتصلنا بكل هذه المنظمات لكننا لم نجد من يسمعنا ثم إذا كان هناك أناس لهم الحق في الحديث عن حقوق الإنسان في الجزائر فهم الجزائريون أنفسهن ومنظمة الأمنستي بالنسبة لي ليست لها أية مصداقية، ففي عام 1990 كنت رفقة 385 على سفينة سلام وقد تعرضت هذه السفينة لإنزال 500 من قوات المارينز الأمريكيين الذين ضربونا وقد كنت من النساء اللواتي تعرضن للضرب وعندما استنجدنا بالأمنستي لم تغثنا لا هي ولا أية حركة أخرى.
** قلت في أحد حواراتك أنك تفضلين النضال الميداني على السفارة و الوزارة، كيف ذلك؟
* أشعر دائما أن لدي طاقة غير مستغلة، بعض زميلاتي فضلن التوجه إلى عالم الأعمال، لكنني فضلت استغلال علاقاتي للتضامن مع المحتاجين والنضال في سبيلهم، من أجل رفع صوت الحق، التعيينات والتكليفات لاتهمني، فقد عملت وزير ة للتضامن الوطني وقد تمكنت من تعليم المجتمع الجزائري حقيقة التضامن، وهوا ما أوصلنا إلى تمويل الوزارة دون الاعتماد على الميزانية، إذ لم تكن لها أصلا ميزانية، وأنا أعمل حاليا سفيرة عندما أجول العالم وأوصل صوت المجتمع الجزائري، ومع ذلك فلن أرفض أن أكون سفيرة سلام أو تضامن لقضية معينة.
** كيف توفق السيدة بن حبيلس بين واجباتها كزوجة وكمناضلة حقوقية؟
صحيح أنني تحدثت كثيرا على عائلة كتو لكنني أيضا لن أنكر أن الفضل الكبير في نجاحي يعود إلى زوجي، الذي هو إنسان مثقف متحصل على شهادة عليا في الأدب واللغة الفرنسية واليونانية واللاتينية من جامعة السربون، وهو شخص متفتح ألقي عليه القبض إثر مظاهرات 1945 واعتقل لمدة سنتين بسكيكدة، زوجي شجعني كثيرا، وعندما خطبني قلت له أنني لا أريد محزمة دهب، ولا أي شيء آخر، وفعلا أنا لا أملك حاليا محزمة ذهب، ولكنني أريد أن تسمح لي بأن أناضل وفقط، ذلك أن خروجي من النضال يشبه خروج السمكة من الماء.
** وبالنسبة لأولادك؟
لدى 5 أولاد، 4 ذكور وفتاة واحدة، وعلى الرغم من أن النضال يتطلب تفرغا كبيرا، إلا أن أولادي طالما كانوا متفهمين، بل كانوا في كثير من الأحيان يحضرون لي بعض الحالات لأتكفل بها.
**ما هو شعارك في الحياة؟
* شعاري في الحياة هو: العدالة، العزة والكرامة أكره الظلم والحقرة وأحب مساعدة الناس وتقديم مالدي في سبيل ذلك.
**ما هي حقيقة التضامن في منظور السيدة بن حبيلس؟
* التضامن ليس صدقة بل احترام كرامة الإنسان، لذلك أنا ضد قفة رمضان، وضد مطاعم الرحمة لأنها لا تحترم كرامة العائلات بل إنها تمس بكرامة العائلات الجزائري.، فتقديم مواد معينة لأسرة ما يسيء إليها فهي ربما كانت بحاجة إلى المال لصرفه في جهات أخرى، لكنها تجد نفسها أمام قفة رمضان، ناهيك عن إمكانية وجود اختلاسات، ونفس الشيء بالنسبة لمطاعم الرحمة، فما معنى أن تصور كاميرا التلفزيون بعض المحتاجين وهم يأكلون، كل هذا انتقاص من كرامة الناس.
* ما رأيك في رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة؟
رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة شاركت في الحملة الانتخابية لصالحه، وأنا أدعمه من منطلق أن الجزائر في حاجة إلى رجل دولة له حكمة وحنكة وتجربة كبيرة ويعرف واقع المجتمع الجزائري، وأنا أومن بأنه لا يستطيع العمل وحده وهو في حاجة إلى التفاف كل الأطراف حوله ، نحن من الناس الذين يساندون برنامج الرئيس بالعمل الجواري ولست أومن أبدا بمساندة المناسبات والتصفيق في القاعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.