اتفق ناشطون في المجتمع المدني ورؤساء جمعيات على أن دور المجتمع المدني يبقى ضعيفا في الجزائر، محذرين من الخطر الكامن وراء استغلال الأحزاب للنشاط الجمعوي، وطالبوا بإبعاد المجتمع المدني عن التحزيب، رغم أنهم أثاروا قضية عدم التوصل بعد إلى إعطاء تعريف دقيق للمجتمع المدني. وقالت رئيسة الجمعية الوطنية للتضامن مع الأسرة الريفية سعيدة بن حبيلس في ندوة نظمت، أمس، بمنتدى جريدة ''المجاهد'' لمناقشة موضوع '' دور المجتمع المدني في تقوية المسار الديمقراطي '' ، إن الديمقراطية لا يمكن تماما أن تبنى بمعزل عن المجتمع المدني، ومن الضروري على المجتمع المدني - حسبها - لكي يؤدي دوره كما ينبغي أن يكون مستقلا من أي تدخل أو ضغوط. وأضافت ذات المتحدثة أنه لو كان المجتمع المدني يؤدي دوره كما ينبغي لما عرفت الجزائر ظاهرة الحراقة، واللصوصية والإرهاب ..، مشيرة إلى الفرق بين الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، وقالت إن الأولى تهدف الوصول إلى السلطة، فيما أن الجمعيات المستقلة عن الأحزاب والمجتمع المدني بصورة عامة تمثل '' ضمير السلطة والحكومة " . من جهته قال العضو ورئيس لجنة الشباب بمجلس الأمة محمد خوجة أن المجتمع المدني في الجزائر موجود ولكن دوره يبقى ضعيفا، ويجب حسبه تقويمه لكي يلعب دوره كما ينبغي في بناء الديمقراطية، كما اشترط على الدولة أن تجبر الجمعيات على صياغة دفتر أعباء لكي تؤدي نشاطها كاملا داخل المجتمع. وفي محاولة منه لتحديد بعض المؤشرات التي توضح مفهوم المجتمع المدني، قال خوجة إنه ينبغي على المجتمع المدني أن لا ينتظر فوائد مادية مربحة من خلال نشاطاته، وأنه مطالب بأن يكون كسلطة معارضة للسياسات الجائرة ضد الشعوب والديكتاتوريات. ومن أجل تطوير المجتمع المدني يجب حسبه إعادة النظر فيه وتطويره وتهيئته ويبقى هذا دور السلطة والأحزاب، وكذا الشخصيات الوطنية، موضحا بأن الجزائر بحاجة اليوم إلى مجتمع مدني قوي بإمكانه أن يلعب دوره من أجل تقوية الديمقراطية في الجزائر، وأضاف '' لا يجب أن نطلب المستحيل من شبابنا بقدر ما يجب أولا ضمان المواطنة لهم ولكافة للمواطنين أولا، وتأطيرهم للحديث بعدها عن المجتمع المدني". من جانبه النائب بالبرلمان عن حزب العمال رمضان تاعزيبت أكد أنه يوافق تماما ما أكدته سعيدة بن حبيلس، وأضاف أن هناك فرقا بين الجمعيات والسلطات العمومية، فلكل وظيفته ومهامه. وقال ذات المتحدث إنه بعد سنة ,1988 انفجر النشاط الجمعوي في الجزائر في كل المجالات، ولكن الوضع الذي عاشته الجزائر مباشرة بعد ذلك - حسبه - جمد النشاط الجمعوي، مؤكدا أنه '' من غير الممكن أن ننتظر الشيء الكثير من جمعية ما إذا لم يتم حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الموجودة في الجزائر ". بدوره الأمين العام للاتحاد العام الطلابي الحر اسماعيل مجاهد أكد أن المجتمع المدني لعب دورا هاما لما تحركت الأزمة في الجزائر مطلع التسعينيات بعدما كادت الدولة أن تنهار، معتبرا أن الوضع السياسي العام السائد حاليا داخل البلاد هو الذي ترك المجتمع المدني لا يؤدي دوره. وأدرج المتحدث في سياق حديثه عن الموضوع أربعة عوامل أساسية للرقي بالمجتمع المدني لدفع الديمقراطية، وهي مثلما أشار إبعاده عن التحزيب، تكريس مبدأ الحرية في النشاط وتأسيس الجمعيات، تنظيمه، مضيفا في هذا السياق أن المجتمع المدني '' إذا لم نهتم به فهناك من يهتم به '' ، ويقصد وجود دول أجنبية ومنظمات غير حكومية بإمكانها استغلال المجتمع المدني.