هو تحفة معمارية رائعة تتربع قبالة ساحة بورسعيد..زينة العاصمة ووجهها الجميل رغم عوامل الطبيعة والمؤثرات الجيولوجية وحتى السوسيو ثقافية والسوسيو سياسية.. المسرح الوطني محيي الدين باشطارزي..تاريخنا الثقافي والإبداعي الجميل..هيكل الذين مرّوا وبصموا على الركح أصدق الإنتاجات المسرحية والعروض الفنية.. رواق الذين ظلوا يذكرون العالم بأن الجزائر ليست معبر التجار والقراصنة والبحارة والغزاة.. ليست شرفة من لا شرفة له من الحثالات والعصب والأجناس الوافدين.. المسرح الوطني ظلّنا الحضاري الذي يستقيم حتى وإن كان العُود أعوج..! فضاء مبدعينا الكبار بتواضعهم وحبّهم لأبي الفنون..بودية، باشطارزي،التوري، كلثوم، كاتب ياسين، بن قطّاف، قسنطيني، علولة، زياني شريف عياد وعز الدين مجوبي والقائمة طويلة.. هو ذا معمار المسرح الذي أثّث حياتنا رغم التصحر الثقافي والبيروقراطيات..ولا يزال يفعل ذلك إلى اليوم مع الجيل الجديد وجهود القائمين عليه ليستعيد حضوره الجميل في حياة الجزائريين.. كنّا ننتظر ظروفا أحسن ونأمل في إعادة ترميم هذا المعلم الحيوي في حياة العاصمة والبلد برمته، ليرقى إلى العالمية بمقاييس جديدة وتحديث جاد يستفيد من آخر المبتكرات التكنولوجية والسمعية والضوئية والبصرية لتثري تجربة الإخراج المسرحي وكذا الديكور والسينوغرافيا.. كنّا ننتظر ذلك غير أننا فوجئنا بهذا الحادث المؤسف أمس بنشوب حريق في مبنى المسرح الوطني. إني أدعو إلى فتح تحقيق في أسباب الحادث حتى لا يتكرر، وأن يلتفت الفنانون والمبدعون والكُتّاب حول هذا المعلم ليدفعوا الأمور نحو إصلاح وضعية المسرح وإعادة تجهيزه وإلباسه الثوب الذي يستحق، حتى يعود إلى دوره الأجمل والأكثر فاعلية في المشهد الفني والثقافي الوطني والدولي. أعيدوا لنا قاعة المسرح الوطني محيي الدين باشطارزي في أبهى صورة حتى لا تتلف ذاكرتنا الثقافية وتاريخنا الجميل.