بدأت الحاجة إلى التغيير تفرض نفسها على الساحة الوطنية، وبدأت المصطلحات تتوالى عبر مختلف المناسبات وتحت مسميات مختلفة، وهي في الحقيقة تعني شيئا واحدا وهو ضرورة أن تتغير أساليب العمل، وأن تتغير الوجوه ليس من قبيل الإزاحة ولكن من قبيل أن الوقت والزمن والعصر يفرض ذلك حتى يكون هناك إنسجام ومسايرة للتطورات التي يشهدها العالم بكل أبعادها• يتحدث الخطاب السياسي عن تواصل الأجيال، وتسليم المشعل وحمل الأمانة إلى غير ذلك من هذه المصطلحات المهذبة والتي تدعو إلى ضرورة التداول من منطلق أن الوقت وقت هذه الأجيال التي شبت في أحضان أجيال التحرير، لتتسلم الأمانة وتواصل المسيرة بهدي من أولئك وبما تركوه من مواثيق وعهود تبقى المرجعية لكنها لن تقف أمام التعايش والاندماج مع روح العصر بكل ما يتطلبه من انفتاح ومسؤولية• أقول ذلك لأن الجامعة الصيفية التي نظمها حزب جبهة التحرير هذه السنة بولاية تيبازة أيام 18، 19 جوان 2009 والتي خصصت لمناقشة قضايا الشباب تحت شعار الكلمة للشباب أكدت أن الشباب الجزائري رغم المشاكل التي يتخبطها إلا أنه على درجة كبيرة من الوعي والنضج وبعد الرؤيا نحو المستقبل، والاستعداد لتحمل المسؤولية وللتضحية إذا ما كان ذلك سبيلا إلى خدمة الوطن• وأوضحت المناقشات التي دارت عبر الورشات أن هؤلاء الشباب على الرغم من استماعهم للخطاب السياسي للقيادة الحزبية، ومتابعتهم للتدخلات والمحاضرات التي تولاها إطارات وأساتذة جامعيون كانوا محاورين مباشرين دون نفاق، فأبدوا بما يختلج في أنفسهم بكل موضوعية فجسدوا بذلك واقعهم وقدموا الصورة التي تجسد أيضا آمالهم وطموحاتهم في وطن يعيش معركة التنمية وفق شروط الألفية الثالثة• أسئلتهم وصراحة المسؤولية تؤشر إلى الدخول في مرحلة جديدة من العمل المنهجي والمدروس تمهد لنقلة نوعية في الحياة الوطنية بكل أبعادها وبمختلف أداوتها، ذلك أن الزمن قد جرى بسنواته التي أعقبت الاستقلال، وأن المعطيات التي أفرزتها هذه السنوات والمتغيرات التي نتجت عن عملية البناء، والتطورات التي شهدها العالم خاصة في ميدان التكنولوجيا الحديثة وأدوات الاتصال جعلت من الكرة الأرضية برمتها قرية صغيرة، وأنتهت كل عوامل الضغط والاحتكار والرقابة فتزامنت مع الانفتاح والتعددية وحرية التعبير والرأي والاختيار، كل ذلك خلق أجيالا جديدة لها رؤيتها ومطالبها، وإذا لم نؤسس اليوم من خلال العمل السياسي والإيديولوجي للمرحلة الانتقالية لتكون لها ضوابط وأطر ومرتكزات فلعلنا نسقط في مطبات تؤدي إلى إنعكاسات خطيرة، خاصة ونحن نعلم أن هناك "قوم" لا يزالون مجندين لمحاربة كل القيم الثورية والوطنية، وكل الرموز التي تشهد على عظمة الشعب الجزائري وبساطته التي انتصر بها في المعركة التي قرر أن يخوضها وينتصر ولفتك الحرية بأغلى التضحيات ويستعيد السيادة بكل التحديات، وهو اليوم يخوض معركة اختلفت أدواتها وتعددت أساليبها إلا أنها في النهاية معركة تبقى لها خلفياتها في التاريخ ولكن امتداداتها نحو المستقبل نحن من يتحكم فيها• فمهما إذن تعددت المصطلحات، لكن الغاية واحدة وهي إنتقال المشعل إلى الأيادي الأمينة ودون السقوط في المطبات•