عندما رحل عنا المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم قيل وقتها أنه مات احتجاجا على ما قد تؤول إليه الجزائر••! لأن قلبه الكيبر لم يتحمل الإنحدار الذي انزلقت فيه الجزائر مع بداية الستيعينيات••! واليوم عندما رحل الشاعر الوطني الفحل عمر البرناوي، لا شك أيضا أنه رحل احتجاجا على ما قد يحدث للجزائر قبل أن يحدث•.! قابلته رحمه الله في الصائفة الماضية بإحدى مقاهي العاصمة وكان صوته متعبا كصوت البلد•• فقال لي بحسرة: نكبت في صوتي كما نكبت البلاد في صوتها•••! فقلت له أنت لا تملك إلا صوتك وكلماتك، فقد أضعت نصف مقدراتك•.! عرفته في بداية السبعينيات•• وكان أستاذا في إحدى ثانويات العاصمة ويتعاون مع "المجاهد الأسبوعي" في المجال الثقافي، كان بالنسبة لنا كمبتدئين في عالم الصحافة القدوة والمثل الذي يجب أن يتبع••! بدأه المرض قبل 10 سنوات تقريبا ونقل إلى باريس للعلاج وعاد سالما معافى••• فقال في إحدى تصريحاته إنه انتصر على المرض ليواصل معركته للانتصار على الجهل والرداءة في عالم الثقافة••! رحل إذن صاحب نشيد من أجلك يا وطني•• ولعله رحل احتجاجا على خفوت الأصوات من أمثال صوت البرناوي• •• ولكن الأكيد أنه رحل احتجاجا على أن الآذان التي أصبحت تستمع إلى نشيد من أجلك يا وطني ولا تهتز هي بالتأكيد آذان لا يحق لها أن تسمع صوت البرناوي الشاعر والمذيع والفنان والمنشط البارع•• والكاتب المشاكس والشجاع••! رحمك الله يا عمر•• وألهمنا قبل أهلك الصبر والسلوان على فراقك•• لأننا لا يمكن أن نتصور محفلا ثقافيا مرموقا لا يكون به عمر البرناوي••! فهل كان رحيلك احتجاجا أيضا..؟!