لا شك في أن أهم قرارت القمة العربية في الدوحة هي ثلاثة قرارات: رفض بيع السودان لمحكمة العدل الدولية من طرف مصر••• وتحول المصالحة إلى مصالحات••• وتحويل إعمار غزة إلى إعمار لمصر عبر الجامعة العربية••• فبالنسبة للنقطة الأولى تكون قطر قد لعبت دورا مهما في التشويش على سعي مصر لتسليم البشير من طرف العرب في قمة الدوحة، أو من طرف إسرائيل بعد الابلاغ عنه في المياه الاقليمية للبحر الأحمر والمساعدة على اعتقاله أو اختطاف طائرته• ومصر مبارك لا تنسى محاولة اغتيال مبارك على أرض إثيوبيا قبل سنوات من طرف متسللين عبر أراضي السودان• كما أن قرار المحكمة الدولية باعتقال البشير تبعته مباشرة زيارة وزير خارجية مصر وأمين عام الجامعة العربية للخرطوم، فيما يشبه الضغط على البشير بتسليم نفسه مقابل تقديم مصر ضمانات بأن تسعى لدى إسرائيل وأمريكا بتبرئته كما حدث لرئيس السرب، أي مقايضة حرية البشير بالتنحي عن الحكم•• وهي رسالة أمريكية للبشير جاءت عبر مصر بالطبع، ويكون أمين جامعة الدول العربية قد باركها بالولاء لبلده• لكن قطر الدولة الصغيرة حشرت أنفها في المجال الحيوي لمصر، وهو منابع النيل، لمحاولة تزعم المصالحة بين حركة العدل والمساواة ذات العلاقات الجيدة مع الغرب والقاهرة وبين الحكومة السودانية، لكن القاهرة سربت معلومات لقطر قصد تخويفها من إمكانية حضور البشير قمة الدوحة، ولهذا قال وزير خارجية قطر عند زيارته إلى الخرطوم إن هناك ضغوطا على قطر كي لا يحضر البشير قمة الدوحة خوفا من اختطافه أو تسليمه، وتردد في السودان هذا الخوف إلى حد أن الشعب طالب الرئيس بعدم المغامرة••• لكن الرئيس البشير أراد وضع مصر أمام مسؤولياتها بالانتقال إلى القاهرة••• للتأكيد بنفسه عن مدى ضلوع القاهرة فيما قد يدبر بليل ضد البشير، ولعل هذا هو السبب الذي جعل الرئيس المصري يمتنع عن حضور قمة الدوحة زيادة عن نتائج القمة السابقة التي التي عقدت بالدوحة قبل قمة الكويت••• وتكون مصر هي التي سعت إلى عدم حضور الرئيس الجزائري شخصيا إلى قمة الدوحة••• وهو الذي حضر القمة الأولى التي غاب عنها عمرو موسى بتعليمات من مصر، وحصل الرئيس الجزائري من الرئيس المصري مبارك على مقابل••• هو حل ملف اللاعب الجزائري لكرة القدم لخضر بلومي المتابع من طرف البوليس الدولي بمذكرة من مصر•••وقد ظلت هذه القضية محل مساومة للجزائر من طرف مصر، حتى جاءت قضية القمة في الدوحة وقضية المقابلة المصرية الجزائرية التي ستجري في جوان القادم بالجزائر• الغريب في أمر غياب مصر والجزائر عن قمة الدوحة وغياب تونس والمغرب، ليس هو الموقف كما تدعو إليه قطر في بيان الدوحة بل له علاقة بأشياء أخرى تتعلق أساسا بالدور المصري في قيادة العرب••• لهذا قد يكون ما قاله الرئيس بوتفليقة في تبسة من أنه يعشق أن تكون الجزائر والجزائريون محترمين على الصعيد الدولي، فيه إشارات لما سبق ذكره••• أما النقطة الثانية في قمة الدوحة في المصالحة العربية التي تحولت إلى مصالحات•• مصالحة بين قطر ومصر فشلت، والمصالحة بين سوريا ومصر أصبحت تحتاج إلى وقت••• ومصالحة بين ليبيا والسعودية بدأت ونحتاج إلى سنة كاملة كي تحقق زيارة سعودية إلى طرابلس العام القادم بمناسبة القمة القادمة، ومصالحة صومالية تمت بين الصوماليين، ولا فضل فيها للعرب ويريد العرب استثمارها لصالحهم••• المضحك في أمر المصالحة العربية التي تحولت إلى مصالحات، هو أن المصالحات تحولت إلى هدف في حد ذاتها••• وأصبحت الخلافات بين الملوك والرؤساء العرب مثل خلافات النساء في الحمام••• موضوعها نوعية الصابون والفوطات وفي أحسن الأحوال الخلاف حول العورات•! وإنه لمن المزعجات أن يتحدث الزعماء العرب عن إنجازات عظيمة في قمة الدوحة تخص المصالحة•• ولا يتحدثون أصلا عن سبب هذه الخلافات•• والتي هي غالبا ما تكون خلافات لها علاقة بخيانة شعوبهم أو بيع المصالح العليا لبلدانهم•• أوالتفريط في حقوق الناس•! حتى باتت القمم العربية لا تعقد إلا لحل خلافات العرب•! المسألة الثالثة المضحكة في قرارات الدوحة هي إعادة إعمار غزة•• فقد قررت القمة إعادة إعمار الجامعة العربية قبل إعمار غزة بزيادة ميزانية الجامعة الجامعة العربية•• وقد أعلن ذلك عمرو موسى أمين عام الجامعة هذا الإنجاز العظيم قبل الحديث عن إعمار غزة•! بل إن العرب في قمة الدوحة لم ينفقوا على إعادة إعمار غزة وأنفقوا فقط على إعادة إعمار الجامعة العربية بالمال•! فالأمين العام الذي لم يحضر مؤتمر الدوحة الأول الذي انعقد باسم الجامعة العربية، وحرض على عدم حضور تلك القمة•• والأمين العام الذي بهدل العرب في قضية عدم انسحابه مع أردغان التركي••! هذا الأمين العام ترفع له قمة قطر مبالغ ميزانية الجامعة ويقول له وزير خارجية قطر•• لقد نالك من الطيب نصيب•! لكن أجمل صورة نقلتها ''الجزيرة'' لملايين المشاهدين عبر العالم عن قمة الدوحة هي صورة ذلك المسؤول الذي كان يجلس خلف عمر البشير في القاعة وغط في النوم إلى حد الشخير•• والبشير يلقي كلمته المصيرية، حتى أن أمير قطر الذي يرأس الجلسة أوعز إلى أحذ خدامه أن يوقظ هذا لمسؤول حتى لا تظهر صورته وهو يشخر والرئيس يخطب•• تلك هي أهم مضحكات قمة الدوحة التي سميت قمة المصالحة، وهي الفعل قمة الحضيض السياسي•!