تشير الأرقام المرعبة التي قدمها الأساتذة المشاركون في الملتقى الدولي الذي احتضنته جامعة سطيف، نهاية الأسبوع الماضي حول الصدمة النفسية، إلى أن العشرية السوداء خلفت آثارا وخيمة على المجتمع الجزائري، حيث خلف العديد من اليتامى والأرامل والنساء المغتصبات• وحسب الأستاذ أوقاسي لونيس بجامعة فرحات عباس، فإن العشرية السوداء خلفت أزيد من 3 آلاف امرأة مغتصبة وحوالي 40 ألف صبي يتيمي الأب، ضمنهم 7 آلاف طفل ينتسبون إلى والد إرهابي، إضافة إلى الخسائر المادية التي تم تقديرها بأزيد من 20 مليار دولار• وقد قدم الأستاذ هذه الأرقام المرعبة بعد قيامه بجولة لعدة ولايات من الوطن، أين أخذ عينة لحوالي 20 طفلا آباؤهم ضحايا إرهاب و2 آخرين كان آباؤهم إرهابيين• كما سجل الأستاذ عدة ملاحظات، بينها أن الصدمة النفسية بالنسبة للطرفين متساوية ومتقاربة، حيث يشعران بنفس الخوف والهلع• وقال بأن الدولة تأخرت في التكفل بهؤلاء الأطفال الذين صاروا اليوم شبابا تتراوح أعمارهم ما بين 20 و25 سنة، وكل الفئة المذكورة تعاني صدمة عنيفة وحياة غير عادية تماما، فمدن القصدير، حسبه، التي تحاصر اليوم كبريات المدن الجزائرية تسكنها الفئات الإجتماعية الفارة من المناطق الجبلية غير الآمنة، ما يستوجب التحرك• وفي جانب آخر، أكدت أرقام مديرية الصحة بولاية سطيف أن سنة 2008 بهذه الولاية عرفت معالجة حوالي 460 حالة مصدوم نفسيا تقربوا من المختصين في ضحايا العنف• وتؤكد الأرقام أن 300 حالة هم أطفال لا تتجاوز سنهم 16 سنة، وتمثل نسبة 39 بالمئة من مجموع هؤلاء، حالات تعرضت لاعتداءات جنسية، في حين تمثل نسبة 23 بالمئة فئة المصدومين نفسيا بسبب حوادث المرور، أما العنف داخل الوسط المدرسي فقد مثل ما نسبته 2 بالمئة• كما تطرق الأساتذة المشاركون في هذا الملتقى الدولي حول الصدمة النفسية، من حيث اكتشافها وطرق معالجتها، إلى أن العديد من الاشخاص كانوا منذ القدم عرضة لصدمات نفسية مختلفة منذ ظهور البشرية كالحروب والكوارث الطبيعية والقهر ومع ذلك لم يتم ملاحظة التأثير النفسي لهذه الأحداث الصدمية بشكل جيد إلا مؤخرا، حيث كان الضحايا مقصيين والأعراض غير واضحة• ويرجع الفضل في ذلك للدراسات الطبية العقلية، أين تم التأكيد على تناول الأعراض ما بعد الصدمية بالدراسة والتحليل، ما أدى إلى ملاحظة عدة استجابات نفسية وجملة من الضغوط النفسية الحادة وصدمة وفوضى عاطفية والشعور بالعجز وخلط كبير في الشعور وفقدان للمعالم الأساسية، كل هذا من شأنه أن يستوجب استراتيجيات للتدخل والعلاج والتي تلخص في عدة تقنيات علاجية من أجل تسيير الحدث الصدمي والتخفيف من وقع الصدمة النفسية على المصاب•