قد يكون التحول المسجل في الموقف الأمريكي من الصحراء الغربية، التي بدأت تتخلى عن مقترح الحكم الذاتي الذي تبنته إدارة بوش، هو الذي هيج الفرنسيين في الأيام الأخيرة، وجعل ساركوزي يهدد بصورة غير مباشرة الجزائر باستعمال ملف الرهبان السبعة، فالمعروف أن فرنسا مع المغرب ظالما أو مظلوما فيما يتعلق بالقضية الصحراوية، وأن الملك الراحل ترك القضية أمانة في عنق فرنسا• فقد كرست مرة أخرى إدارة أوباما القطيعة مع ممارسات إدارة سلفه بوش، فبتبنيه تسوية القضية الصحراوية على أساس منحها الاستقلال الكامل، يعني أن أوباما فهم عمق القضايا الإفريقية في مجملها وليس القضية الصحراوية، فحدود معظم الدول الإفريقية هي حدود موروثة عن الاستعمار، والكثير من بلدانها ترفض هذه الحدود وتطالب بالدولة العرقية، وليس دولة الحدود المحددة في المواثيق الدولية، وبالتالي في حالة ما إذا قبلت الهيئات الأممية أو الدول مثل أمريكا منطق الحكم الذاتي، فإن هذا يعني فتح السبيل أمام باقي الدول الإفريقية غير المقتنعة بحدودها الحالية للمطالبة بأقاليم تابعة لبلدان أخرى، فقد تطالب السنغال مثلا بضم غامبيا لها، وتطالب المغرب بضم تندوف إلى مملكتها، وتونس ستطالب بتوسيع حدودها حتى قسنطينة مثلما كان يطالب دائما رئيسها الراحل الحبيب بورقيبة، وتتعقد بذلك الأمور، وتدب الخلافات والحروب والفوضى داخل القارة التي فيها ما يكفيها من حروب وأزمات• صحيح أن المغرب كسب خلال فترة حكم بوش وما قبله نوعا من الدعم الأمريكي، لأنه حاول تغليط الرأي العام والخاص الأمريكي والأوروبي على السواء، موهما إياه بأن الجزائر تدعم القضية الصحراوية لأنها تبحث لها عن منفذ للمحيط، حتى أنه قال إنه مستعد لمنح الجزائر منفذا للمحيط مقابل قبولها ضم الصحراء الغربية لأراضيه، وهو ما فندته الجزائر التي رفضت أن تكون طرفا في التفاوض حول القضية الصحراوية التي هي في نظرها ومثلما هو مسجل لدى الأممالمتحدة قضية تصفية استعمار موروثة على العهد الاستعماري الفرنسي والإسباني في المنطقة ليس إلا•