عاد التنافس مجددا بين الأحزاب السياسية للسيطرة على فعاليات المجتمع المدني وبعث تنظيمات شبانية وطلابية مختلفة يمكن من خلالها الإمساك بساحة المجتمع المدني وامتلاك أكبر قدر ممكن للتأثير السياسي وكسب أوراق إضافية للتعبئة والتجنيد خلال الاستحقاقات السياسية والانتخابية أو الضغط والمزايدة خلال المواعيد المقبلة والاستفادة من عائداتها المالية، على الرغم من عدم قانونية سعي الأحزاب السياسية في هذا الاتجاه وخرقها لقانون الجمعيات الذي يمنع الارتباط العضوي بين الأحزاب والتنظيمات المدنية• بإعلان حركة مجتمع السلم عن تأسيس تنظيمها الشباني الجديد "شباب مجتمع السلم" (شمس) ومبادرة حزب العمال، الذي تقوده لويزة حنون إلى عقد الجلسات التأسيسية لمنظمتها الشبانية تحت اسم "المنظمة الاشتراكية للشباب"، نهاية الشهر الجاري وكذا استدعاء الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلخادم، لقيادة الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية وتدخله في الفصل في النزاع الداخلي على القيادة في الاتحاد، وكذا سعي الأرسيدي إلى بعث نشاط تنظيمه الطلابي "اتحاد الطلبة الديمقراطيين"، تكون الأحزاب السياسية في الجزائر قد دخلت مرحلة جديدة مشابهة لتلك التي شهدتها الجزائر عقب انتفاضة أكتوبر 1988، تتعلق بالسعي مجددا للسيطرة على المنظمات والجمعيات الشبانية والطلابية، أو تأسيس تنظيمات جديدة تدين بالولاء الفكري والإيديولوجي وترتبط عضويا بهذه الأحزاب، التي تستغل في ذلك حالة الفوضى التي تعرفها ساحة المجتمع المدني وكذا الشغور القانوني الذي ترتب عن عدم الإسراع في تعديل قانون الجمعيات، إضافة إلى غفلة وزارة الداخلية التي لا تبدي كثيرا من التشدد في هذا السياق• وعلى الرغم من المادة 11 من قانون الجمعيات الصادر عام 1990 الذي يلزم صراحة المنظمات والجمعيات الاجتماعية والثقافية والنقابات العمالية والطلابية والمهنية بعدم الارتباط التنظيمي، ويمنعها من التبعية الهيكلية والمالية للأحزاب السياسية ويفرض عليها الاستقلالية في قرارها ويشدد على عدم الانتماء إليها على مناضلي حزب معين، إلا أن قيادات أغلب الأحزاب السياسية لا تجد حرجا، خاصة بالنسبة لأحزاب التحالف الرئاسي، في خرق قانون الجمعيات وتجاوز الدستور ومحاولة تسييس المجتمع المدني وتحويل الجمعيات والمنظمات إلى مجرد أجهزة قابلة للتحكم عن بعد• وكان وزير الداخلية، نور الدين يزيد زرهوني، قد أعلن في تصريح صحفي سابق عن إنهاء حالة الارتباط بين التنظيمات المدنية والأحزاب السياسية، من خلال مقترح تعديل قانون الجمعيات الذي أنهت الداخلية منذ أشهر صياغته، والذي ينتظر أن يسهم في تطهير المجتمع المدني من الجمعيات والمنظمات الطفيلية والحد من الارتباطات العضوية والتنظيمية بين الجمعيات والمنظمات مع الأحزاب والقوى السياسية•