جمعية إبليس النحيس الخيرية أخذت عطلة في رمضان، لأن الأعمال الخيرية التي تقوم بها الحكومة عبر القفة الرمضانية وصلت إلى الملايين! والناس أصبحوا ينامون الجزء الأخير من الليل في الساحات أمام البلديات للظفر بعطاءات البلديات السخية المتمثلة في قفة رمضان! الموظفون الفقراء تم إقصاؤهم من قفة رمضان•• لأنهم ببساطة ليسوا فقراء•• وإنما لم يحسنوا التصرف في الأجرة الشهرية التي يحصلون عليها من الوظيفة••! فهم في هذه مثل الحكومة الجزائرية يعملون•• ويحصلون على مبالغ ولكن يعدون من بين الفقراء عمليا! مجلس الوزراء اجتمع هذه المرة في رمضان، لأن الوزراء لم يجدوا ما يفعلون فقرروا الاجتماع•• للنظر في وضع السوق الملتهب والذي يتطلب إطفاء أسعاره أكثر من اجتماع مجلس الوزراء! ومعنى هذا الكلام أن الإجراءات التي ستتخذها الحكومة اليوم بخصوص معالجة أمر ارتفاع الأسعار ستظهر آثارها بعد العيد على أقل تقدير! والحكومة تعرف أن الأسعار ستنخفض بعد العيد بالتأكيد•• لأن رمضان سيفرغ جيوب المواطنين فتقل القدرة الشرائية ويقل الطلب ويتغلب العرض على الطلب•• فتنخفض الأسعار•• ويقدم ذلك كإنجاز من إنجازات قرارات الحكومة! وهكذا يظهر الوزراء على أنهم قاموا بالواجب في رمضان إيمانا واحتسابا••! بعض الجزائريين قالوا: إن توزيع قفة رمضان أصبح مشكلة، وينبغي أن تعالج هذه المشكلة بإنشاء وزارة لقفة رمضان! أي ترقية القفة إلى وزارة كاملة! ولأن الحرفة أصبحت هي الأخرى مشكلة فلا يمكن أن نستبعد إنشاء وزارة للحرفة أيضا! ووزارة للجالية بالخارج! ووزارة أخرى لتنسيق الأزمات في وزارة التضامن الوطني! ولم لا ننشئ حكومة كاملة للتضامن الوطني! أليس البلاد فيها ربع السكان فقراء•؟! فلماذا نبخل عليهم بحكومة فقر؟! بومدين كان يسير حكومة ب 15 وزيرا•• والحمد لله عدد الوزراء تطور حتى أصبح اليوم 40 وزيرا جالسا في الكرسي•• ومثلهم يحملون لقب وزير فوق العادة•• أو تحت العادة! صحيفة مغرضة قالت: إن البلاد جنت من عائدات الغاز والبترول في العشرية الأخيرة أكثر من 350 مليار دولار، أي نصف المبلغ الذي عالج به أوباما أكبر أزمة اقتصادية عالمية في أكبر اقتصاد في العالم وفي أعظم دولة في العالم! فأين ذهبت هذه الأموال الطائلة؟! ولماذا لم تحدث الأثر المطلوب في الحياة العامة للجزائريين؟! هذا السؤال الوجيه لا يمكن أن يطرح، لأن البلاد التي تستورد ما قيمته 40 مليار دولار في السنة من السلع والخدمات هي في الحقيقة تقوم بالتنمية المطلوبة في البلدان التي تنتج هذه السلع المستوردة••! وكمثال على ما نقول: فإن خلق متاعب لمصنع طونيك مثلا جعل البلاد تستورد ورق المراحيض من مصر! وهكذا يستفيد عمال مصريون من العمل في المصانع التي تنتج الأواق المنظفة لروث الجزائريين•! الحكومة الجزائرية، أوالحكومات المتعاقبة على الجزائر، حولت الشعب إلى شعب من نوع زغب الحواصل كما يقول الحطيئة، فاغرا فاه طوال أيام السنة نحو الحكومة كي تضع في فمه قفة رمضان أو محفظة الدخول المدرسي أو مساعدات الفقر•• أي أن الحكومة تحولت إلى جمعية خيرية تواجه صعوبات في حماية نفسها من الأشرار الذين يريدون سرقة صدقات الحكومة على الشعب••! ومن العبقريات المبدعة لحكومة تسيير الفقر والصدقات ••! أنها قررت توحيد مآزر التلاميذ في التربية الوطنية لحكمة تربوية لا يعلمها إلا الذين يعرفون الجهات التي ستستفيد من هذا القرار••! فالحكمة التربوية من توحيد مآزر التلاميذ هي عسكرة أشكال التلاميذ في اللباس•• فالأولاد كلهم زرق•• والبنات بيض••! وهو قرار يشبه القرار الذي اتخذه والي العاصمة ذات يوم والقاضي بطلاء نوافذ العاصمة كلها بلون واحد هو اللون الأزرق البارد•• أي بلون علم إسرائيل••! وطلاء الجدران باللون الأبيض؟! فتحولت العاصمة كلها إلى علم إسرائيل••! ترى لماذا لا يحس هؤلاء أن قراراتهم هذه تمس بحرية المواطن في لبس ما يريد، وهي الحرية التي يضمنها الدستور! وفوق هذا وذاك ستختفي من مدارسنا تلك الصور الجميلة التي كان يصنعها التنوع في اللباس والذي يظهر المدارس كحدائق غناء فيها ألف زهرة بلون ولون! الطريف في الموضوع أن وزارة التضامن وقعت صفقات مع خواص لإنتاج مآزر موحدة اللون لتوزيعها على الفقراء ••! ولعل هذا هو السر المكنون في اتخاذ مثل هذا القرار•• خارج نطاق البرلمان وخارج رأي جمعيات حقوق الإنسان ولا أقول الأحزاب••! فالبلاد التي تسلب فيها حرية الطفل في لبس ما يريد يقول فيها قسنطيني: إن حقوق الإنسان تتحسن••! وانتظروا أزمة أخرى في قطاع المآزر قد تجعل الشعب الجزائري يطالب بميزانية خاصة لحلها•• وقد يطالب بإنشاء وزارة للمآزر المدرسية••! إنه البؤس بعينه••! حين يتحول الفساد والترابندو إلى حافز لتسيير الشأن العام ويتدخل حتى في لباس التلاميذ••! ولا تستبعدوا أن يطلع علينا آخرون في العام القادم بقرار يجبرون فيه الشعب على لبس البرنوس في الشوارع على أساس أنه لباس وطني•• إذا تبين أن ترابنديست نافذا يريد الإغتناء بقرار كهذا؟! وعندما تصبح البلاد بلا موضوع و بلا مشروع فلا بد أن نبحث عن مثل هذه التوافه لتجعل منها موضوعها•• وانتظروا إذن فرض لباس خاص على رؤساء الدوائر والأميار مثلما هو الشأن للولاة•• ولباس خاص للوزراء وآخر لأعوان الدولة في الإدارات والموسسات، فالحكومة التي لا تجد ما تفعله تكسي شعبها بالألبسة الخاصة بواسطة المناقصات التي تُعطى للأحباب والأقارب بالتراضي••!