سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نوفمبر وحّد قدري مع قدر خالد بن طوبال... أتمنى التوفيق للصديقين ميهوبي والزاوي رغم أني لا أعتبر ''البوكر'' مقياسا للنجاح أحلام مستغانمي تفتح قلبها ل''الفجر''
صدور الطبعة المغاربية لروايتك ''فوضى الحواس''، بترجمتها الفرنسية، بالجزائر، كتابين جديدين، وتكريم من الجزائر في أولى الالتفاتات التي تقوم بها وزارة الثقافة لكتابنا، ماذا يعني لك كل هذا الصخب السعيد؟ قد أعجز عن التعبير في هذه اللحظة، ونحن على بعد لحظات من التكريم الذي سأحظى به، من وزيرة الثقافة، وحامية الثقافة الصديقة خليدة تومي، وقد تخونني الكلمات أنا التي لطالما قلت بأني أجيد اللعب بها، لكن الموقف اليوم كبير، كِبرَّ الجزائر، وشامخا شموخ أوراسها، لكن ما يمكنني قوله هو أن قلبي يخفق كلما تقدمت بي الدقائق، ولن أكذب عليك، فأنا جدُّ خائفة من هذا التكريم لأنه يعني بأني قد وصلت إلى مرحلة التكريمات، التي عادة ما تمنح للأدباء الكبار، ويعني بأني قد تقدمت كثيراً في الكتابة، رغم أنني لازلت أردّد بكوني أتمرن على الكتابة ليس إلا·· أما بخصوص صدور طبعة مغاربية لروايتي ''فوضى الحواس''، بالجزائر، فأنا سعيدة جداً لكون أعمالي سيقرأها الجزائريون الذين تعودوا على القراءة بالفرنسية، وهي فرصة أخرى لتكون فيها أعمالي قريبة من القارئ الذي لطالما تمنى أن يحظى بكتاباتي بعيداً عن القرصنة التي أضحت تواكب جُلَّ أعمالي· وماذا عن تكريمك اليوم بالذات، ونحن نعلم أن هناك تواطؤًا تاريخيا بينك وبين شهر نوفمبر؟ تكريمي الحقيقي هو أن أرى كتبي تدخل إلى الجزائر، أما تلك التكريمات والشهادات، فهي لا تعنيني بالدرجة الأولى، وأنا كاتبة معروف عني بأني لا أحضر للمناسبات، وما حضرت هذا التكريم إلا لكونه مناسبة تاريخية، فأنا والدي توفي في 1 نوفمبر، هو تاريخ الثورة الجزائرية وهو أغلى تاريخ على الجزائر، لأنه تاريخ انطلاق الثورة الجزائرية، فوالدي بحكم تاريخه النضالي الكبير، فقد حظي بالميتة التي تمناها ومات في 1 نوفمبر ودفن في مثل اليوم الذي أكرم فيه 2 نوفمبر، وغادر المستشفى العسكري على وقع النشيد الوطني، وأغمض عينيه على النشيد الوطني، كأني موجودة اليوم هنا لكي أقلّد الأدب، فبطلي في ''ذاكرة الجسد''، خالد بن طوبال، حضر إلى قسنطينة مرتين، مرة ليدفن أخاه ومرة ليحضر زواج البطلة، وأنا حضرت اليوم لأقلّد المناسبتين، ففي نوفمبر 1992 لدفن والدي وفي 2009 لأكرم في هذا البلد بلدي، بين أهلي وأصدقائي والكتّاب الجزائريين والعرب، وقرّائي الأوفياء· في كتابك الأخير ''نسيان·كوم''، تصورين نفسك أو بمعنى آخر جعلت من نفسك طبيبة نفسانية، ألا تشكّل هذه ''المهنة'' عبئاً عليك ككاتبة؟ أبداً· ·أنا ما كنت طبيبة نفسانية في هذا العمل، كنت مجرد كاتبة، تسرد على قرائها بعضاً مما اختبرته في الحياة، وهو دعوة مني لكل النساء اللواتي تعانين من هواجس الذاكرة، والماضي، لكي يتخلّصن من تلك الكراكيب التي تجعل منهن، عبيداً لذاكرتهن·· في هذا الكتاب وصفات سحرية للانطلاق الرحب نحو الحياة، بكل حب، وأمل، بعيداً عن الصراعات والخلافات والمشاكل التي نعيشها في عالمنا في كل الميادين· وهل تخلّصت أنت من ذاكرتك؟ نحن لا نتخلّص من ذاكرتنا فجأة، وأيضاً لا يمكن أن نتخلّص منها كلها، لكننا نحاول أن ننسى بعض الأمور المزعجة، التي تحول دون شعورنا بالسعادة والفرح، والأمل، لهذه الأشياء جاء ''نسيان·كوم''· نلاحظ بأن الجيل الجديد من الروائيين والروائيات أصبح يقلدك بشكل كبير، هل يعني هذا بأننا سنرى جيلاً آخر بعد جيل نزار قباني في الشعر، اسمه جيل أحلام مستغانمي؟ -تضحك- والله···لم أكن أعرف هذا··لكنها ورطة جميلة أخرى أحملها لقرائي الذين أصبحوا لا يقرأونني فقط، بل ويقلدونني في كل كبيرة وصغيرة· صدقيني أعتز بهذا الخبر·· طيب ما رأيك في التجربة الإبداعية الجزائرية لدى شباب الجيل الجديد؟ دائماً أفاجأ بهذا التدفق الإبداعي الذي تزخر به الساحة الأدبية الجزائرية، ونحن لدينا أقلام جميلة، وجيدة، خاصة في الشعر، قرأت أعمالاً كثيرة لشعراء شباب مبدعون، فأدركت بأن الجزائر ستواصل نضالها الأدبي الكبير، بفكر هؤلاء الذين وجب علينا ككتّاب كبار أن نأخذ بأيديهم كي لا يجف نبع عطائهم· أعتقد بأنك سمعت عن ترشح بعض مبدعينا لجائزة ''بوكر'' للرواية العربية، كيف ترين حظوظهم فيها؟ كانت لي فرصة الاطلاع على هذه الأعمال، وأنا أتمنى الحظ لمبدعينا في نيل هذه الجائزة، في شقها المعنوي ليس إلا، لكون الجوائز ليست مقياسا لنجاح الكاتب أو فشله، لكنها تعطيه دفعاً قوياً آخر ليزيد من إصراره على العطاء أكثر، وأنا أتمنى للصديقين العزيزين على قلبي كثيراً عز الدين ميهوبي وأمين الزاوي حظا سعيدا في هذه الجائزة، كما أتمنى الحظ لكل الجزائريين الآخرين الذين تم ترشيحهم من قبل ناشريهم لهذه الجائزة· هل ترين بأن جائزة ''بوكر'' للرواية هي مقياس لغربلة الروائيين العرب؟ لا أبداً··كما قلت سابقاً في حديثي هي فرصة لتكريم المبدعين العرب، والأعمال الروائية المكتوبة باللغة العربية، ولكنها ليست مقياساً لغربلة أحد، لأن القارئ وحده هو القادر على الغربلة، هذا إن كنا في الأصل نحتاجها، أو بمعنى آخر إن كانت هي مقياسنا لكي نكتب· همُّ الكاتب الناجح هو الكتابة، و فقط··أما حسابات الربح والخسارة، والنجاح والفشل، فوحده القارئ يملك زمامها، ولطالما كنت ضد النقد· قال الروائي رشيد بوجدرة مؤخراً، بأنه عرّاب ''كتابة الجنس'' في الرواية الجزائرية، وأن الجنس عندك ليس إلا عناوين، بِمَ تريدين عليه وعلى من يتهمونك بكونك كاتبة جنس ليس إلا؟ أنا لا أريد أن أدخل في هذه الصراعات التي آن لنا أن نتجاوزها، لكني لم أقل يوماً بكوني أديبة جنس أو أني أوظف الجنس في أعمالي الأدبية؛ بل على العكس تماماً القارئ لأعمالي الروائية لن يجد فيهاً جنساً بالمفهوم الذي يتحدث عنه بوجدرة وغيره، وأنا أشكرك على طرح هذا السؤال المتعلق بتوظيفي للجنس في أعمالي الأدبية، لأنه معروف عليّ بكوني روائية لا توظف الجنس في كتاباتها، ليس خوفاً، ولا حياءً، بل لأني أكتب ما أعيشه، والكلمات التي لا أنطق بها لا اكتبها،ثم إني أعتقد بأن الامتحان الأصعب لأي كاتب هو امتحان الجنس، والتطرق إليه في أعمالنا الأدبية، لأنه يكتشف قدرات الكاتب على الإبداع من خلال توظيفه للجنس، أما أنا فأضع نفسي في خانة الكاتبة التي توحي عناوينها الأدبية بالجنس، أما التطرق إليه في نصوصها فهذا لم يحدث مطلقاً· لكن أغلب النقّاد والكتّاب يضعون أعمالك ضمن الأعمال التي توظف الجنس في الأدب من أجل الظهور؟ هناك الكثير من الكتّاب والكاتبات الذين يتاجرون بموضوع الجنس في الأدب، وهذه حقيقة لا مفر منها، بإمكانك الاطلاع عليها من خلال ما يطبع من أعمال أدبية، لكونهم يعتقدون بأنهم سيبلغون النجاحات الكبيرة من خلال التطرق لموضوع الجنس· لكن الواقع غير ذلك تماماً، فالنجاح الذي حققته ''ذاكرة الجسد''، خير دليل على ذلك برغم من أنها لا تحتوي لا على قبلة واحدة، قبلة على استحياء في كتاب من 416 صفحة، إلا أنها لا زالت الرواية الأكثر طلباً والأكثر مبيعاً، وأيضا في مجمل أعمالي وبالتحديد في ثلاثيتي التي تتجاوز صفحاتها ال 1000 صفحة، لا يوجد فيها مشهد أو كلمة واحدة فيها جنس، لهذا فأعمالي تدرّس في الجامعات والمعاهد والمدارس والثانويات، وما كانت لتُعتمد في المناهج الدراسية لو كان فيها شيء مما قيل عنها· إذاً ·· ما الذي قصده بوجدرة بالتحديد؟ أنا أختار عناوين جميلة، وألعب على الكلمات والجمل، فحين أقول مثلاً في أحد المقالات الذي عنونته ب''في مخدع الكلمات''، هناك من ذهب تفكيره بعيداً لكن هذا العنوان يشي بمخدعين، إما السرير أو الخدعة بمفهومها الإنساني، وصدقيني أنا أسعد لابتكار خدعة جميلة كهذه، وما تطرقت إليه من جنس في أعمالي جاء بشاعرية عابرة ليس إلا·