هكذا بدأت تظهر الأسباب الحقيقية للحملة المسعورة التي يقودها الإعلام المصري والشارع، وما سمي اعتباطا بالمثقفين والرسميين المصريين، منذ بضعة أيام إن لم أقل شهورا عندما كان الإعلام وحده يقود موجة الحقد• فخلافا لسيناريو التوريث الذي جاء أشباه المثقفين ومرتزقة نظام مبارك من مغنين وممثلين، إلى الخرطوم ليحملوا جمال مبارك على الأكتاف و''يترجوه'' خلافة والده، وهذا بعد تأهل منتخبهم إلى المونديال مثلما كانوا يتصورون• ها هي الأسباب الأخرى التي أرادت مصر أن تخفيها عن المصريين، إذ جاءت توجيهات الدولة إلى أئمة المساجد تمنعهم من الحديث خلال صلاة العيد في القضية الفلسطينية، وخاصة عن تهويد الأقصى الذي تسارعت أحداثه في الأيام الأخيرة، ومنعت السلطات المصرية الأئمة من ذكر القضية الفلسطينية بتاتا في خطبهم، كما منعتهم من الحديث عن لهيب الأسعار المأساة التي تحرق الأسر المصرية في هذه الفترة، بعد أن تجاوز عدد الفقراء نسبة 48% يعيشون تحت خط الفقر في مصر، في حين يجلس آل مبارك على ثروة تجاوزت 40 مليار دولار، وهو رقم هائل ويعادل ميزانية دولة بحالها• وعمرو أديب الذي أشعل نار الحقد ولم يقدر على إطفائها اليوم، محق عندما قال إن الكرة هي الوسيلة الوحيدة لإسعاد الجماهير المصرية، والممنوع الثالث هو الحديث عما سمي بقضية الجزائر التي غطت على كل مآسي مصر منذ عدة أيام• لا أدري ماذا يخيف النظام المصري بالذات في حديث الأئمة عن هذه القضية، هل الخوف من أن يصب الأئمة الزيت على النار مثلما فعل القرضاوي، أم الدعوة للأخوة والتهدئة بعيدا عن الحسابات السياسية والاستراتيجية؟ لكن ماذا عن سفير إسرائيل الجديد في مصر، والذي دخل ''أم الدنيا'' في عز العداء مع الجزائر؟ ويبدو أن مصر استغلت موجة الحقد ضد ''بربر'' الجزائر، لتستلم أوراق اعتماد شخصية محل جدل في إسرائيل نفسها، فالسفير ابن جاسوسة إسرائيلية في لبنان سنوات الستينيات شالوم كوهين وبقيت في السجن مدة 14 سنة• في هذه الأجواء المشحونة بالعداء للجزائر، وبرفض الانتماء للعرب، تزداد علاقة آل مبارك بإسرائيل بصورة غير مسبوقة• كل هذا ويتمسك النظام المصري بريادة العالم العربي الذي يدوس على مشاعره وقضاياه•