جند نظام مبارك من جديد أرمادة إعلامه للدخول في حرب جديدة ضد عدو جديد متمثل في حركة حماس وسكان قطاع غزة لصرف النظر عن المشاكل الحقيقية التي يعانيها الشعب المصري الذي صار حقه في الإعلام غير مضمون، بعد أن تحول عدو الصحافة المصرية المأجورة من الجزائر وشعبها إلى حماس وسكان قطاع غزة. ورغم تأكيد حركة المقاومة الإسلامية حماس أن قتل الشرطي المصري تمت من داخل التراب المصري، وهو ما ذهبت عديد الأطراف المحايدة إليه أيضا، إلا أن وسائل الإعلام المصرية ونظام مبارك يصران على إدخال حماس في هذه القضية، وتحميلها مسؤولية هذا الحادث الذي قد يكون من صنع مخابرات مبارك بعد أن فشل مخططه في طريقة توريث الحكم خلال مباراة الجزائر ومصر. ويبدو جليا أن كل التهويل الذي أخذته هذه الحادثة مفادها في الأساس خدمة الجار''إسرائيل'' الذي يطالب الرئيس أن يقطع كل تعاون مع حماس وأن يعجل في بناء الجدار الفولاذي الذي سيخنق الفلسطينيين، مقابل تسهيل عملية تسليم المشعل إلى الابن جمال بمباركة آل صهيون وواشنطن. إن الملاحظ لما كتبته الصحف والفضائيات المصرية يعرف دون أدنى تفكير أن ما يهم من لا يكترثون لجوع ومعاناة المواطن المصري ليس مقتل الشرطي وعائلته، لأنه ومنذ سنوات مضت وعلى الحدود ذاتها قتل ثلاثة عسكريين مصريين على أيدي الصهاينة، وقالت القاهرة يومها إن الحادثة تمت عن طريق الخطأ من نيران صديقة. إن الإعلام في مصر قد تم تجنيده ككل للتسابق في حياكة الاتهامات وتوجيه جملة من الشتائم والكلمات البذيئة للمستضعفين في غزة، وهذا بشهادة الكاتب الصحفي ياسر الزعاترة في جريدة الدستور المصرية التي تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى أن تفضح المكيدة المدبرة من طرف السلطة، حيث عنون مقالا له ب ''موجة شيطنة للفلسطينيين في الإعلام المصري'' منتقدا فيه التعبئة الإعلامية الموجهة ضد حماس، والتي حملت كلها عبارات : ''الرد سيكون مزلزلا''، ''اعتداءات فلسطينية على الحدود، قافلة غالاوي تحرق العريش''، ''رصاص حماس يقتل جنديا في رفح.. لنا الحق في حماية حدودنا''، ''يجب أن يعلم القتلة والخونة أننا لن نتهاون معهم أبدا إذا أقدموا حتى على عمل أقل وقاحة مما ارتكبوه. إن الغدر طابعهم والخسة والنذالة دستورهم''، ''هذه هي جريمة حماس البشعة، ودم الشهيد المصري أحمد شعبان في رقبتها، ولا بد أن تدفع الثمن''، ''هؤلاء الفلسطينيون الذين يزعمون البطولات هم الذين باعوا أراضيهم عام 48 وحصلوا على الأموال ليفقدوها مرة أخرى في سهرات حمراء داخل إسرائيل، ولم يستطيعوا حتى الآن تحرير أراضيهم من الاحتلال، ويتاجرون بالقضية وبشعب فلسطين''، ''لن نخضع لقطاع الطرق.. وشريان الاغتيالات. المصريون هم السادة وقوانيننا فوق الجميع''. ''يا ثوار ''الحجارة''..،، أو من صدقتم أنكم كذلك..، ألف ''خيبة'' و''خيبة'' عليكم.. يا من عميت عيونكم.. فخسرتم الأهداف.. وضللتم الوسائل.. لتميد بكم الأرض إلى أسفل سافلين..، .. والأيام بيننا..،''. ويقول الكاتب ذاته أن ''ما سبق مجرد عينات مما حفلت به الصحف المصرية ''القومية'' خلال اليومين الماضيين بحق الفلسطينيين، ولو تتبعنا ما بثته الفضائيات من سباب وردح لكان المشهد أكثر بؤسا بكثير، وقد جاء ذلك كله إثر الأحداث التي شهدتها مدينتا العريش ورفح على خلفية العوائق التي واجهت قافلة شريان الحياة، وعلى خلفية الجدار الفولاذي الذي يبنى على حدود القطاع، بخاصة بعد استشهاد الجندي المصري برصاصتين غامضتين (في الظهر) يقول كثيرون ولديهم أدلتهم (من بينهم مصريون) أنها جاءت من الجانب المصري، فيما تسبب ذات الرصاص في إصابة عشرات الفلسطينيين من بينهم اثنان في حالة موت سريري وستة في حالة الخطر. وأشار الكاتب صراحة أن ''الشطحات الجديدة'' للدكاكين الإعلامية في بلد مبارك هي حلقة من حلقات الحملة التي تعرضت لها الجزائر من قبل، بعد إفسادها مخطط التوريث الذي كان مرسوما، حيث يقول ياسر الزعاترة في هذا الشأن ''تُذكرنا هذه الزفة الجديدة بحق الفلسطينيين بجولات سابقة، كما تُذكرنا بزفة قريبة بحق الجزائر والجزائريين، وهي حملات لا يحتاج المرء إلى كثير من الذكاء لكي يدرك الأبعاد السياسية التي تحركها''. وفي هذا السياق، أشارت تقارير إعلامية أخرى أن الهجمة التي يقودها النظام الحاكم في مصر لم تأت من الإعلام المأجور فقط، بل تعدته إلى بعض المساجد، خاصة وأن شيخ الأزهر سيد طنطاوي كان أول من بادر بهذا عندما أحل بناء الجدار الفولاذي، وذكرت وسائل إعلام أن نحو 140 ألف مسجد تابع لوزارة الأوقاف جعلت خطبة الجمعة حملة للهجوم على الفلسطينيين، حيث أشارت مصادر بالوزارة أن الحملة في المساجد خطط لها عن طريق مسؤولين كبار في وزارة الأوقاف وبتوجيهات عليا.