تشاركون في الطبعة الأولى للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية، ماذا عن برنامج التظاهرة؟ التظاهرة في مجملها تحاول خلق فضاء فني تسترجع من خلاله عشّاق الموسيقى الرّاقية، وتسعى إلى إرواء عطش الجمهور العاشق للموسيقى الكلاسيكية العالمية، فمشاركة دول من كل القارات، والبرنامج الذي حضّر لها والذي عرف تنظيم العديد من الحفلات الفنية، وكذا تنظيم العديد من المحاضرات التي شارك في تنشيطها عدد من الخبراء، وورشات تكوين أشرف عليها أساتذة كان فرصة للتعارف والتبادل والتقارب بين مختلف الموسيقيين، وهو تجربة رائعة تستحق الاهتمام والتثمين، ونشكر المنظمين عليها، ونرجو لها كل التوفيق• هل للفنان ميساك باغبودريان، اطلاع على الموسيقى الجزائرية، خاصة الأركسترا السيمفونية؟ أكيد لي اطلاع على الموسيقى في كل دولة عربية، ومنها الجزائر، وأعرف العديد من الفنانين في مختلف الطبوع، لكن لا أعرف السيمفونية الجزائرية كثيرا، والأكيد أيضا أنه مثلما تشهد سوريا تطور موسيقاها، وكذا محاولة استلهام روح التراث وإقحامه في السيمفونية العالمية، فالأمر نفسه تعرفه الجزائر، وهذا الملتقى كفيل بأن يعرّفنا عنها أكثر، خاصة وأنه ملتقى رائع وقيّم، فلأول مرة في الدول العربية نشهد مثل هذه الملتقيات الخاصة بالسيمفونية• ما رأيك في إدخال التراث الشعبي في هذا النوع من الموسيقى؟ الأكيد أن كل شعب وله تراثه وله موسيقاه الشعبية وله فنه الشعبي الخاص به، وفي المقابل كل شعب له موسيقاه العالمية أو الأكاديمية، وبطبيعة الحال أي مؤلف من أي بلد كان، إذا كان كاتبا للموسيقى السيمفونية، لا يود إلحاق الضرر بموسيقاه التراثية، فإقحام التراث بالموسيقى العالمية لكي نحافظ عليه في شكله عمل جيد، ويجب أن نستلهم روحه حتى يكون له طابع البلد المنتمي إليه، مثلا أن نجد سيمفونية سورية فيها لغة الموسيقى العالمية، لكن تبقى فيه النكهة السورية، تستلهم من التراث السوري روحه وهكذا• أما أن نحوّل التراث إلى موسيقى سيمفونية فهذا تشويه للتراث ولابد أن نكون حذرين من هذا الموضوع• نفهم من كلامك أنك ضد من يدعو لتطوير الموسيقى السيمفونية بإدخال المادة التراثية؟ الموسيقى السيمفونية علم، وفيه دراسة ومتابعة ومواكبة للحياة اليومية، والتراث لا يتطور ولا يتغير بل يمثل مرحلة من حياة الإنسان، ففي تلك اللحظة ماذا كان يحس مثلا، فهو تعبير بكل لحظة، ويتطور بتطور المجتمع• ولكن المادة التراثية لا تتغير ولا تتطور، بل نستلهم روحها وأفكارها، وإعطاءها بعدا إنسانيا، وبهذا تتطور الموسيقى السيمفونية• فأنا أدعو للمحافظة على التراث كما هو، ويجب أن نحافظ عليه من التداخلات لأنه يمثل التاريخ وأي تعديل فيه هو تعديل للثقافة والتاريخ، ولا أظن أنه بإمكاننا تغيير التاريخ• على ذكرك البعد الإنساني، أكيد أنك تابعت الانزلاقات التي عرفتها تصريحات الفنانين المصريين إثر تأهل ''الخضر'' على حساب الفراعنة، وكذا مقاطعتهم لكل ما هو جزائري، هل بقي في رأيك بعد إنساني للفن؟ أنا برأيي أنه لما يتم تسييس الفن، لم يعد فنا، بل صوتا لمن سيّسه، فالفن يعطي كل شيء سوداوي وجها أكثر إشراقا، ويعمل على البعد الإنساني له، خاصة في محاولة حل مشاكل الحياة المختلفة، فهو يخلق روح التعاون والود والاحترام، وكذا روح الجماعة بين مختلف شعوب العالم بغض النظر عن انتماءاتهم الحضارية والدينية واللغوية؛ أما أن يتحوّل الفن إلى وسيلة سياسية فهذا شيء مؤسف حقا، والفنانين المصريين تسرّعوا في تصريحاتهم التي طغت عليها العاطفة، خاصة وأنهم حاولوا كسب شعبية أكبر من خلال هذه التصريحات، وكذا كسب أرباح أكثر، لكنهم خسروا أكثر مما ربحوا،•• والمهم في رأيي ليس أن نكسب جمهورا رياضيا في لحظة غضب، أو حماس، بل المهم الجانب الإنساني، والأخلاقي للفنان، لأن الفنان يعتبر مشروعا إنسانيا، كما أن الأمر المهم في الإنسان، خاصة الفنان، أن يسجل مواقف إنسانية وليس تجارة لبعض الوقت• من خلال هذا الملتقى ألم يتم الاتفاق على مشاريع فنية مع الأركسترا الجزائرية؟ طبعا، فقد تكلمنا مطولا مع محافظ المهرجان السيد بوعزارة عبد القادر، وهناك عدة مشاريع تحتاج لترجمة على أرض الواقع، فالأحلام موجودة والطموح كبير جدا، لكن المهم ماذا بعد هذا الطموح، وماذا حققنا منه• الأكيد أنه سيكون تبادل بيننا لأنه يوجد تفاعل وتقارب بين الطرفين•