كشفت موجة البرد القارص التي تعيشها كل ولايات الوطن في الأيام الماضية الواقع المتردي الذي تعرفه النسبة الطاغية من المؤسسات التربوية الموجودة في الوطن، وذلك بسبب غياب التدفئة كلية أو تعطلها في أحسن الأحوال، إذ وجد مئات الآلاف من التلاميذ أنفسهم يدرسون في ظروف جد قاسية داخل حجرات وأقسام شبيهة بغرف التبريد· بالرغم من أن ميزات فصل الشتاء تأخرت كثيرا هذا الموسم نتيجة استمرار ارتفاع درجات الحرارة في أغلب أنحاء البلاد، إلا أن الضغط الجوي المنخفض الذي يضرب هذه الأيام كل الولايات عرّى الوضع المأساوي الذي يتخبط فيه التلاميذ، خاصة المتمدرسين في المناطق الداخلية التي عرفت درجات حرارة تقل عن ستة درجات تحت الصفر، إذ أن هؤلاء وجدوا أنفسهم فريسة للبرد والقر لساعات طويلة في اليوم بسبب غياب نظام تدفئة في المؤسسات التي يزاولون فيها دراستهم· وتؤكد مصادر عليمة من داخل فيدرالية أولياء التلاميذ، أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن المؤسسات التي لا تملك نظام تدفئة لاستعماله وقت الحاجة، لكن الزيارات والاستطلاعات الميدانية والتقارير والشكاوى التي تصل من جمعيات أولياء التلاميذ والفريق التربوي توضح أن نسبة كبيرة تفوق النصف على الأقل من المدارس والمتوسطات والثانويات التي يبلغ مجموعها 26 ألف مؤسسة بكل الوطن، محرومة من الدفء الذي يعتبره التربويون عاملا أساسيا لاستيعاب التلاميذ للدروس في أوقات انخفاض درجات الحرارة مثلما هي عليه هذه الأيام· ويُعلق مسؤولو أولياء التلاميذ على الأسباب التي تقف وراء هذه الوضعية التي تميز قطاع التربية بأن الأسباب متعددة ونتيجة البرد مضمونة لمعظم التلاميذ، إذ يعود السبب الرئيسي للظاهرة إلى انعدام شبكة الغاز الطبيعي في الكثير من بلديات الوطن الأمر الذي يعرقل عمليات ربط المؤسسات التعليمية بنظام تدفئة يوفر ظروف عادية للتلاميذ أثناء اشتداد موجة البرد القارص· وتلجأ إدارات بعض المؤسسات في المناطق التي ينعدم فيها غاز المدينة إلى حلول موازية لم تنجح في توفير الدفء المطلوب، حيث غالبا ما يتم اللجوء إلى المدافئ التي تشتغل بالمازوت إلا أن هذا الحل يواجه تعقيدات وعيوب كثيرة، أهمها المساوئ الصحية التي تعود على الأطفال نتيجة إفرازات هذه المادة، بالإضافة إلى ما يتطلبه تشغيل هذه المدافئ من كميات كبيرة من مادة المازوت وهو ما يؤدي إلى توقيف استعمالها في أغلب الأوقات، بالإضافة إلى أسباب أخرى مثل التعطلات التي تتأخر المؤسسات في إصلاحها لأسباب متعددة· وتطالب الفيدرالية الوطنية لأولياء التلاميذ وزارة التربية الوطنية بحل هذا المشكل الكبير الذي يستمر رغم الأموال الهائلة التي تصرفها الوزارة سنويا للقضاء على الظاهرة، مذكرة الوزير بوعوده بتوفير المدافئ في كل مؤسسات الوطن منذ سنوات·