الآن تحركت الجهات المسؤولة في الدولة وفتحت الحوار مع العمال الذين شلوا بإضراباتهم البلاد طوال نصف شهر أو زيادة! هذا شيء جميل! لكن لماذا لم تتجنب السلطة مسألة شل البلاد طوال هذه المدة وتفتح الحوار مع العمال قبل إحداث هذه الكوارث في الاقتصاد؟! وفي عز الأزمة بهذه الإضرابات؟! نتيجة فتح السلطة للحوار مع العمال اعتراف صريح بأن مطالب العمال كانت مشروعة أو على الأقل قابلة للنقاش·· فلماذا تجاهلتها السلطة إذاً وحاولت قمعها بقرارات العدالة المتلاحقة والقاضية بعدم شرعية هذه الإضرابات؟! وما دامت هذه الإضرابات غير شرعية - حسب قرارات العدالة - فلماذا فتحت السلطة هذه المفاوضات مع العمال؟! ومن يتحمل مسؤولية الأموال الطائلة التي ضاعت بالإضرابات في عز الأزمة؟! إن التسيير الجيّد للاقتصاد لا يكون بالسكوت عن الذين تسببوا في ضياع الأموال بالإضراب الشرعي أو غير الشرعي في عز الأزمة الاقتصادية، ولابد من محاسبة المخطئ مهنيا، سواء كان في صفوف السلطة أو في صفوف العمال! هذا هو المنطق السليم الذي يحكم تسيير الاقتصاد الحديث! لكن عندنا دائما تسجل الأخطاء التي تحدث كوارث في الاقتصاد الوطني ضد مجهول! وعندما تصبح هذه الأخطاء تسجل ضد معلوم ويدفع ثمنها من ارتكبها·· عندها نقول إننا دخلنا في مرحلة التسيير الجدي للبلاد·· ودخلنا في مرحلة الحكم الراشد! إن أكثر ما أخشاه هو أن تدخل السلطة في حوار مع قيادات العمال طوال 6 أشهر - كما تقول قيادات العمال - ثم ينتهي الأمر إلى لا شيء، ويعود التوتر إلى البلاد·· وتعود الإضرابات·· ولا تحدد المسؤوليات في هذا الأمر سواء من جانب العمال أو من جانب السلطة! وعلينا أن ننتظر 6 أشهر لنعرف مدى استعداد الحكومة للاتفاق أو عدم الاتفاق مع ما لا يقل عن 4,1 مليون عامل منضوين تحت أكثر من 22 فيدرالية عمالية ينشط أغلبها في مجالات حيوية من القطاع العام! الأكيد أن أهم مصاعب البلاد الاقتصادية تعود إلى التسيير غير المسؤول للاقتصاد الوطني·· وسيادة عقلية ''البايلك'' في التعامل مع قضايا الشأن العام·· وخاصة تحديد مسؤوليات التقصير، ومن ثمة تطبيق القواعد السليمة في موضوع الثواب والعقاب!