تختلف مواجهة اليوم بين المنتخبين الجزائري والمصري اختلافا جوهريا عن باقي المواجهات للاعتبارات التالية: - الجزائريون حقّقوا الأهداف المسطرة قبل سنة وهي التأهل للكان بعد غياب عن النسختين الأخيرتين فيما كان المصريون أبطال هاتين النسختين. - الجزائريون حقّقوا الأهمّ وغير المتوقّع بالتأهّل لمونديال جنوب إفريقيا وعلى حساب المرشّح الأول في المجموعة. الفريق المصري بالذّات. - الجزائريون حقّقوا الهدف من المشاركة في الكان بتجاوز الدور الأول رغم عثرات الانطلاقة. - المصريون لم يحقّقوا بعد هدفهم بنيل التاج الإفريقي للمرة الثالثة على التوالي وها هي الجزائر عقبة أخرى في طريقهم. - المصريون لم يحقّقوا قبل هذا الموعد الجديد بشهرين حلم الوصول إلى المونديال وتمثيل العرب. وكان ذلك بعقبة جزائرية لم يتمكّن الفراعنة من تجاوزها رغم كل ما رافق الرهان من أمور لا علاقة لها بالمنافسة الرياضية الشريفة. - الجزائريون أبهروا الجميع بتجاوز المرشح الأول للكان الأنغولية بإزاحتهم فيلة ساحل العاج ممّا جعل الجميع يدكّ وإلى الأبد الأسطوانة المصرية الركيكة بخصوص أحداث أم درمان. فحتى دكاكين الفتنة شرعت في تغيير لهجتها تجاه الجزائر وفريقها. وعلى هذا الأساس يمكن القول بأنّ الجزائر قد حقّقت كلّ أهدافها وأضافت إليها أهدافا أخرى وما أغلاها. لم تكن أبدا في الحسبان فيما خسرت مصر حلمها ببلوغ المونديال. ولم يبق أمامها سوى تعويض نكستها المونديالية بتاج إفريقي ثالث ومتتال يعيد للمصريين شرفهم المهدور على يد برابرة الجزائر؛ وهاهي الجزائر مرّة أخرى تعترض طريق المصريين وهي متحررة من كل الضغوط بعد تحقيق جميع الأهداف. بالأداء والنتيجة والإبهار. في موقعة بانغيلا نصف النهائية سيدخل المصريون بنيّة الثأر من الجزائريين ويحاولون منذ البداية ربح معركة وسط الميدان لصنع اللعب وخلق فرص التهديف. لأنّ السماح للجزائريين باللعب والتحكّم بالكرة يعني ببساطة القدرة على التسجيل وقتل المباراة في أيّ لحظة أمّا الجزائريون فسيدخلون المباراة بمعنويات مرتفعة بعد إزاحة كوت ديفوار وإثبات قوّتهم وطريقة لعبهم الحديثة ولا تهمّهم النتيجة بقدر ما يهمّهم صنع لعب جميل بعدما أصبحوا محلّ إعجاب ومتابعة دقيقة لأدائهم من قبل مناجرة الفرق العتيدة والمختصّين في كرة القدم وبمثل هذه الروح المعنوية سيتمكّن الجزائريون من تشكيك المصريين في قدراتهم. لا سيما لو يسجّل ”الخضر” في نصف الساعة الأول من انطلاق اللقاء. كما أنّ الجزائريين وبفضل منحناهم المتصاعد في المنافسة قد آمنوا بقدرتهم على نيل التاج الإفريقي ونزعه من رأس الفراعنة بعدما انتزعوا منهم تأشيرة المونديال وكما يقول المثل الفرنسي الشهير: لا اثنتان بدون ثالثة فالجيل الذي سيذهب إلى المونديال لتمثيل العرب من حقّه أن يحضر هذا المحفل العالمي بتاج قارته. وهو لقب عزيز ودفع معنويّ قلّ نظيره عشية موعد كوني. والأكيد أنّ الفائز اليوم بين مصر والجزائر سيكون بنسبة كبيرة بطل إفريقيا فإذا كان الحظّ والتوفيق من جانب الجزائر. وهو أمر ممكن جدا. فذلك ما نتمناه جميعا ونؤمن به إلى حدّ كبير لعدّة اعتبارات وعلى رأسها عدم قدرة مصر على هزمنا على الأراضي المحايدة. وإن كان الحظّ والتركيز الجيّد حليف المصريين فنتمنى لهم التوفيق في المقابلة النهائية. مثلما نتمنّى من حوانيت الفتنة أن تكون لديها الشجاعة للتقدّم باعتذار صريح عن كلّ تجاوزاتها ومهاتراتها وقلّة أدبها من يدري فقد تكون هذه المباراة الخطوة الأولى لرأب صدع عميق بين شعبين أصبح ما يفرّقهما أكثر بكثير ممّا كان يجمعهما.