جمع ملك من ملوك حكايات جدّتي حاشيته من عقول القوم، وروحه على أهبة الصعود إلى بارئها، ليقرأ عليهم وصيّته الأخيرة : ”أرى أنني مفارق الحياة، وما أراني بمستقر على أمر اسم خليفتي، لذلك سأطلق أجنحة هذه الحمامة في السماء والكتف التي تنزل عليها ستكون كتف الملك الجديد على هذه الأرض” .. طارت الحمامة خارج القصر فتبعها الطامعون في الحكم ركضا.. في تلك الأثناء، كان راعيان في أقصى المدينة يتجاذبان أطراف الدعابة ليفرغا كأس الوقت المملوءة. قال الأول للثاني: ”لو ملّكت على قوم هذه المدينة، ما تراك فاعلا بهم؟” أجاب الثاني ”سأغدق عليهم بالعطايا وأبحبحها عليهم من خيرات الله، وأنت ما تراك فاعل؟” أجاب الأوّل: ”سأمرّر عيشتهم وأسقيهم الويلات، وأصبّ عليهم جام.. ” قبل أن يكمل جملته حطّت الحمامة على كتفه، وفي غمرة دهشته التي استمرت إلى ما بعد جنازة الملك، وجد مؤخّرته تجلس على عرش المملكة. بعد سنة من الحكم الجديد الجائر، هرع الناس إلى الصديق القديم للراعي الذي أصبح ملكا، يرجونه أن يشفع لهم عند الملك، عسا أن ينقص صنوف العذاب والاضطهاد الذي يمارسها عليهم منذ توليه الحكم، فاستجاب الصديق القديم للملك لرغبة وإلحاح ممثلي الشعب، وذهب إلى الملك يستجديه التخفيف عن الشعب.. ابتسم الملك في وجه صديقه القديم وقال له ”دعك منهم، لو أراد الله بهم خيرا لما حطّت الحمامة على كتفي”.
في خضمّ معمعة السب العلني على الجزائر شعبا وحكومة من طرف الإعلاميين والمثقفين والفنانين المصاروة، بعد مباراة أم درمان، اجتمع أعضاء الأمانة الوطنية الجديدة لكوخ اتحاد الكتاب الجزائريين، في مقر الاتحاد بالعاصمة، ليقرروا شيئا مهما للغاية.. إياكم أن يطيش بكم الخيال بعيدا، وتتصوروا أنهم تحدثوا عن ضرورة حماية الشرف الجزائري وكيفية الردّ على من شتموا الجزائر !! القرار الخطير والمهم الذي خرجوا به من اجتماعهم المذكور، هو اقتراح تخصيص 7 ملايين سنتيم من ”خزينة” الاتحاد، كراتب شهري لرئيسهم المصون.. !!
في خضم الحملة الإعلامية القذرة الجديدة على الشعب الجزائري، شعبا وحكومة، من طرف زبانية النظام المصري، من مثقفين وفنانين وإعلاميين، عقب فوز الحكم البينيني على الأفناك في نصف نهائي كأس الكان، في خضم ذلك، قام أعضاء سابقون في كوخ اتحاد الكتاب الجزائريين، بالإدلاء بتصريحات مهمة وحاسمة لبعض العناوين الصحفية.. وإياكم - مرّة أخرى - أن يطيش بكم الخيال بعيدا، وتتصوروا أنهم تحدثوا عن ضرورة حماية الشرف الجزائري وكيفية الردّ على من شتموا الجزائر !! قال قائل منهم: ”على الدولة الجزائرية أن تفتح حدود العار بينها وبين المغرب” وأضاف الثاني: ”يجب تحطيم حائط برلين بين الجزائر والمغرب” واستطرد الثالث :”على المثقفين الجزائريين أن ينددوا بهذا الوضع المخجل”. اسمحوا لي أن أتذاكى عليكم قليلا وأذكّركم بأن فعاليات معرض الدارالبيضاء للكتاب، ستقام بعد أيام قليلة، كما أن جاذبية روح العنب في المملكة لا تقاوم.
قد يقول قائل منكم: ”دعك منهم، لو أراد الله بهم خيرا لما حطّت الحمامة على كتف تومي”.