تحدث داني لافيير، الكاتب الكندي هايتي الأصل، الحاصل على جائزة ميديسيس الأدبية العام الماضي، أكثر من مرة لوسائل الإعلام الباريسية عن معنى وآثار الزلزال الذي ضرب وطنه الأصلي في الثاني عشر جانفي الماضي، سيما وأنه كان في عين المكان لحظة حدوث الفاجعة التي مازالت حديث العالم. وقال لافريير الذي كان في العاصمة بورت أوبرانس لحضور مهرجان أدب المسافرين رفقة ميشال لوبريس مدير المهرحان، في برنامج تلفزيوني، أنه اضطر أن يغادر الفندق الذي كان يقيم فيه بعد انهياره ولجأ ككل نزلاء الفندق إلى ساحة للعب رياضة التنس قبل عودته إلى تورنتو على متن طائرة عسكرية كندية ليلة الخميس. صاحب رائعة لغز العودة، أكد:”إنني رأيت خلال لحظات قليلة انهيار بنايات تتحطم كعلب الكرتون ومواطنين يجرون في كل الاتجاهات في حالة ذعر لم يسبق لي أن شاهدتها في حياتي، ووقفت عند مشاهد بطولية عديدة كمشاهد إنقاذ الكثير من الذين بقوا أسرى حطام البنايات وقفز امراة من الطابق الخامس حاملة في أحضانها رضيعا لا يتجاوز سنه بعض الشهور، إلى جانب عون أمن قام بمجهودات جبارة لإنقاذ مصابين آخرين من غير أفراد عائلته“. وباختصار، أضاف يقول لافريير، “الشيء الذي أذهلني هو قوة وتحدي المواطنين حيال زلزال يندر وقوعه بالقوة التي جاء بها وإصرارهم على الاستمرار في العيش وكأن شيئا لم يحدث“، ردا على سؤال يتعلق بمصير زملائه الأدباء الذين كانوا في العاصمة بورت أوبرانس لحظة حدوث الزلزال. قال لافرييران صديقه الروائي ليونيل تريو نائب رئيس مهرجان أدب المسافرين مشى مدة ثلاث ساعات بعكازته للوصول إلى الفندق الذي كنت أقيم فيه من أجل الاطمئنان عليّ وعلى أدباء آخرين كانوا معي في الفندق، ومباشرة بعد الحديث أخذني بالسيارة للاطمئنان على أمي في الوقت الذي لم يكن يعرف فيه مصير أفراد عائلته. بحكم علاقته الخاصة بالكاتب الكبير فرانكنتيان لم يتردد الروائي في الذهاب إلى منزل صديقه الحميم والذي قال عنه متاثرا “وجدته يبكي أمام منزله المنهارالذي يعد تحفة معمارية وفنية ألهمت الكثير من الهايتيين“ ومن باب رفع معنوياته وتشجيعه على تحدي النكبة استطرد لافريير قائلا: “قلت له قم واصمد لأن الشعب الهاييتي في حاجة إليك ولأنك أيضا صاحب مسرحية زلزال التي قلت فيها الأرض انشقت.. الأرض زلزلت..الأرض تحركت. أخيرا عبر الكاتب الشهير لافريير عن ارتياحه للمساعدة الدولية التي تلقاها بلده الاصلي، وقال إن السبب لا يفسر فقط بهول وآثار النكبة لأن هايتي من البلدان المحبوبة تاريخيا ونفسيا، ويعود ذلك ربما إلى تاريخه المنقوش في ذاكرة الجزيرة التي أنجبت عبيدا تحولوا إلى مواطنين بإمكاناتهم الخاصة، وبتعرضها أكثر من مرة إلى كوارث طبيعية لم تثنها على المضي في العيش بشكل يفرض الاحترام واالهيبة. أهم وأروع ما قاله الروائي لافريير وفرض علينا نقله إلى القراء الكرام قوله: “إن الثقافة هي الحقيقة الأبدية التي لا تسقط ولاتعترف بالزلزال، وهي التي ستنقذ الشعب الهايتي لأنها روح وجوده وماهيته. الثقافة في تقديره ليست شيئا كماليا وبفضلها يمكن أن نبقى على الحياة من خلال الكتابة والرسم والموسيقى والابداع بمختلف ضروبه، وليس من باب المصادفة أن راحت العام الماضي ثلاث جوائز أدبية فرنسية إلى كتاب هايتيين. الثقافة أردف لافريير يقول “هي التي ستعطي الهايتيين القوة الجديدة المطلوبة لأنها كانت دائما وأبدا المكسب الأول والأخير”.