سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
“قوانين مدريد تحد من الهجرة ولا تحارب الحرقة والأزمة الاقتصادية أفرزت عنصرية خفية“ مديرة العلاقات الإدارية المكلفة بالهجرة لبلدية إشبيليا الإسبانية، تريزا بيدروزا، ل“الفجر“
التقتها “الفجر“ في مكتبها ببلدية إشبيليا في إطار مهمة إعلامية قادتنا إلى إسبانيا بهدف تحسس حال المهاجرين السريين، أو ما يعرف عندنا بالحراقة، والوقوف على ما يقال عن استغلال عصابات الاتجار بالبشر لهولاء الشباب" إسبانيا تتجه إلى الهجرة الانتقائية وانتظروا وزيرا في حكومتها من أصول جزائرية مشكل معادلة الشهادات يدعو إلى الإسراع في إبرام اتفاقيات بين البلدين وإسقاط فكرة “الجنة الأوروبية“ ومقولة “أوروبا تلد الأورو“... إنها ممثلة رئيس بلدية إشبيليا، المديرة العامة للعلاقات الإدارية للبلدية والمكلفة بالهجرة، تريزا بيد روزا، أحد الأسماء البارزة على الساحة الإسبانية التي تحدثت من مكتبها بالقرب من مبنى البرلمان الأندلسي، بشفافية عن ملف الهجرة السرية والمهاجرين بصفة عامة، رافضة التسمية المتداولة قائلة “إن ما يحدث هو هجرة غير قانونية وليست هجرة غير شرعية". كيف تنظر سلطات بلدية إشبيليا إلى الهجرة غير الشرعية والمغتربين الجزائريين على مستوى مقاطعة الأندلس؟ أولا مرحبا بجريدتكم “الفجر“ في بلدية إشبيليا. ثانيا نحن لا نستعمل عند الحديث عن هذا الملف عبارة “غير شرعية“ ونعتبر ما يحدث في عرض البحر الأبيض المتوسط مع قوارب المهاجرين القادمين باتجاه السواحل الإسبانية هجرة “غير قانونية“ لا “غير شرعية“، وذلك لاعتبارات إنسانية. أما علاقاتنا مع الجالية الجزائرية، فإنها ممتازة، وننظر إليها بأنها إيجابية لعدة اعتبارات، أهما أنها جالية مؤطرة بشكل مقبول بحيث لا نجد مشاكل في التعامل معها، بالإضافة إلى أنها تحاول الاندماج في المجتمع الإسباني من خلال سعيها في فرض نفسها عمليا والمشاركة في الدفع بالتنمية إلى الأمام، ما نعتبره دعما اقتصاديا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالجالية الجزائرية أقامت عائلات مختلطة مع إسبانيات أو العكس، ما يساهم في النمو الديموغرافي الإسباني الذي تهدده الشيخوخة، إلى جانب أنها تشارك في جعل المجتمع الإسباني متعدد الثقافات، والذي نعتبره أهم هدف يساهم في الاستقرار والتعايش بين مختلف الأجناس. ألا تعتبرون ما تفضلتم بذكره من إيجابيات تناقضا مع الواقع المزري الذي يعانيه الحرا? في إسبانيا، وقد وقفنا على حقيقته المرة خلال تواجدنا هنا؟ حقيقة الأوضاع التي وقفتم عليها من معاناة المهاجرين مردها إلى قوانين الهجرة التي تصدرها السلطات الإسبانية، والتي أثرت بشكل كبير على أوضاع الجاليات، فهي قوانين مجحفة في حق هؤلاء المهاجرين وغير إنسانية، ونحن نطالب بإجراءات تخفيفية تشجع غلى الاندماج والتعايش. ما هي الحلول التي تقترحونها كمسؤولين عن بلدية إشبيليا، عاصمة مقاطعة الأندلس، في اتجاه الحد من الهجرة السرية؟ لا نرى اختلافا بين مهاجر سري وآخر شرعي، كلاهما إنسان. ثم يجب توضيح الأمور، فالشيء الذي يفرق بينهما هو فقط ورقة الإقامة، فلا يجب الخلط بين الأشياء. المشكل قانوني يتطلب حلا في هذا الاتجاه، ومعالجة الظاهرة يتطلب من الجميع المشاركة للوصول إلى الهدف، وبدءًا على الاتحاد الأوروبي أن يخفف من التضييق على حرية تنقل الأشخاص، المتسبب الأول في ظهور الهجرة “غير الشرعية“، ومن جهة أخرى يجب حماية حقوق الإنسان وعدم الاعتداء عليها قبل البحث عن حلول للظاهرة. أما على مستوى الهجرة الجزائرية إلى إسبانيا، وبحكم الاحتكاك الكبير مع الجالية المتواجدة هنا على مستوى مقاطعة الأندلس، فمشكل الهجرة السرية بسيط حسب رأيي، وحله أبسط، ويتمثل في إبرام اتفاقيات عمل ثنائية بين الجزائروإسبانيا، والتخفيف من إجراءات تنقل الجزائريين إلى إسبانيا، باعتبار أن أسباب الهجرة السرية حسب الدراسات والتحاليل، هي المشاكل الاجتماعية والاقتصادية أو الحروب، والجزائر من الدول الرائدة في عدة مجالات والسائرة في طريق التقدم والرفاهية، ولا نظن أن شبابها يعاني كبلدان الصومال أو النيجر ودول جنوب الصحراء أو بلدان أخرى تعاني الحروب أو المجاعة أو الفقر، لذا فمعالجة الهجرة السرية لشباب الجزائر بسيطة مقارنة بدول أخرى، فالجزائر قادمة ونامية بما ينافس حتى بعض دول الاتحاد الأوروبي. ألا تتخوفون من أن تنقلب هذه الظاهرة على المجتمع الإسباني، على خلفية الأزمة الاقتصادية التي أفرزت أكثر من 4 ملايين بطال إسباني؟ إسبانيا تتجه إلى اعتماد الهجرة الانتقائية، أي هناك مشروع قانون هجرة بانتقاء، كالذي تدعو إليه فرنسا وتطبقه عن طريق “البطاقة الزرقاء“، وذلك بهدف التصدي للهجرة التي قد تضر بالمجتمع الإسباني، رغم أننا مبدئيا لا نشك في نية المهاجر الذي يقدم على مغامرة محفوفة بالمخاطر لأجل ممارسة السرقة أو الاعتداء على الغير.
تتحدثون عن الهجرة السرية بشكل إيجابي، في حين يشكو الإسبان من غياب مناصب الشغل وارتفاع نسبة البطالة، ومنهم من يحمّل المهاجرين مسؤولية ضياع مناصب عملهم، كيف تفسرون ذلك؟ في الحقيقة هذا المشكل لم يكن مطروحا من قبل، باعتبار أن المهاجرين كانوا يعملون في الميادين التي يرفض الإسبان الاشتغال بها، في ورشات البناء والفلاحة والنظافة، وغيرها من الأعمال غير المرغوب فيها من الإسبان، لكن في ظل الأزمة الاقتصادية التي أفرزت أكثر من 4 ملايين بطال تغيرت نظرة الإسبان إلى المهاجرين، بعد أن أصبحت مناصبهم مهددة، ما زرعت نوعا من عنصرية وتمييز في المعاملة وحتى التصرفات في بعض الأحيان، وأصبح المجتمع الإسباني منقسما بين رافض للمهاجرين ومتحفظ على ذلك. خلال إقامتنا في إسبانيا، سجلنا مشكل عمل مهاجرين جزائريين يملكون شهادات تعليمية عليا في مناصب غير لائقة، وعند استفسارنا عن الأمر كان الرد عدم اعتراف الإدارة الإسبانية بالشهادة. كيف تنظرون إلى هذا المشكل؟ حقيقة، هذا المشكل مطروح بقوة مع الجالية الجزائرية في إسبانيا، وقد سجلنا عددا من الحالات التي يعاني فيها جزائريون مقيمون بطريقة شرعية ويملكون شهادات جامعية عليا، لا يحصلون على مناصب شغل تليق بمستواهم، ونحن هنا نوجه أصابع الاتهام إلى بعض المسؤولين في الإدارة الإسبانية الذين يمارسون البيروقراطية والتمييز في الاستجابة إلى المهاجرين ذوي المستوى الدراسي العالي من جهة، وغياب اتفاقيات حول موضوع معادلة الشهادة والاعتراف بها داخل إسبانيا من جهة أخرى، إنه مشكل مدهش وغريب يدعو المعنيين إلى الفصل فيه، من خلال إبرام اتفاقيات بين الجزائرومدريد، استعدادا لانطلاق مشروع الاتحاد الأوروبي الخاص بالهجرة الانتقائية. وهل حاولت بلدية إشبيليا إيجاد حل لهذا المشكل، باعتباركم عاصمة مقاطعة الأندلس التي تسيّرها حكومة تخضع للبرلمان الذي يقابلنا مبناه؟ نحن نخضع لقوانين الدولة الإسبانية، ورغم امتلاكنا لهذا البرلمان المحلي كبقية المقاطعات الإسبانية التي تملك برلمانا خاصا بها، إلا أنه لا يمكن تجاوز قوانين المملكة الإسبانية، غير أن المجلس المحلي استطاع إصدار قوانين مدعّمة لإزالة الحواجز التي يرى أنها تضر بالمواطنين والمهاجرين الشرعيين وتستجيب لمتطلباتهم وفق الصلاحيات المخولة للمسؤولين المحليين. هل ننتظر يوما ما وزيرا في حكومة إسبانية من أصول جزائرية، من المهاجرين، أو يكون من المصوتين الذين ينتخبون بحرية لصالح من يثق فيهم خلال مختلف الانتخابات الإسبانية؟ سؤال جزائري مائة بالمائة، يعبر دائما عن التطلعات الكبيرة للجنس الجزائري بطبعه، وعليه فإذا كان المهاجر الجزائري الذي تتمنون أن ترونه في الحكومة الإسبانية، سواء على مستوى مدريد أو في حكومات المقاطعات، مهاجرا يحمل الجنسية الإسبانية، فانتظروا وزيرا إسبانيا من أصول جزائرية، ولا مشكل في ذلك، أما إذا كان المهاجر يحمل وثائق إقامة فقط وأراد أن ينتخب في مواعيد إسبانية فذلك غير ممكن، لسبب واحد وهو عدم وجود اتفاقيات بين الجزائروإسبانيا في هذا الشأن، ونأسف لعدم وجودها. ونذكر الجزائريين وخاصة قراء صحيفتكم الموقرة، بأن هناك قائمة لمهاجرين شرعيين مترشحين كأحرار تم إعدادها استعدادا للانتخابات البلدية القادمة. كلمة أخيرة؟ أوجه الشكر ليومية “الفجر“ التي كانت ضيفة كريمة على الأندلس وإسبانيا عامة من أجل المشاركة في معالجة ظاهرة الهجرة غير القانونية في الجزائر، وأعتبر حديثي معكم فخرا باعتباركم أول صحيفة جزائرية تحاورني، وأتمنى لطاقمكم كل التوفيق، خاصة بعد علمي بأن من يدير شؤونها امرأة وصحفية، وشكرا للقراء الجزائريين.