تشاء الأقدار أن نعاود المباراة في كرة القدم مع الفريق المصري في منافسات كأس إفريقيا التي جرت وقائعها في أنغولا ويخسر فريقنا الوطني بنتيجة ثقيلة وغير منطقية (4 / 0). الخسارة أو الربح هذا هو مصير المقابلة في النهاية, إلى هنا كل شيء عادي. لكن المحير في الأمر أن المصريين لم يتغيروا لقد حسبوا الأمور كما حسبت في مباراة القاهرة أثناء تصفيات كأس العالم ليوم 14 نوفمبر 2009, حيث وقع الفريق الوطني في كمين مدبّر بحنكة مخابراتية. المنتخب أدى ما عليه وأكثر وبرهن أنه من الفرق الكبيرة رغم الارتبكات والتعراث والثغرات. شاهدنا فريقنا مميزا ومتميزا استطاع أن يحمل الوعي الجمعي بأحلامه ورغباته إلى أبعد نقطة وهي العودة بالكأس الإفريقية رغم الانتكاسة في أولى مباراياته مع مالاوي ثم العودة من بعيد بانتصارية باهرين أمام العملاقين المالي والإيفواري. في مباراته مع مصر بدا فريقنا الوطني ثابتا متزنا ومقاوما مع بداية المقابلة, ففي العشرين دقيقة كانت الأمور على ما يرام بين الفعل ورد الفعل, كأننا نشاهد فريقين متكافئين رغم ضغط الأعصاب والحذر الشديدين نظرا لأهمية المقابلة وشدة معرفة الفريقين لبعضهما البعض وفرط الحساسية والشخصانية التي أفرزتها الحرب الكلامية قبل وبعد مباراة أم درمان بالخرطوم في السودان, خاصة بعد سقوط الفريق المصري في تصفيات كأس العالم أمام الجزائر, واتسعت حتى أخذت أبعادا سياسية خطيرة, حيث تجنّى الطرف المصري على التاريخ والشهداء, كما حرق المحامون العلم الجزائري رمز السيادة الوطنية, بل ذهب بعض الكتّاب المختلفين ذهنيا لصبّ الزيت على النار دون اعتبارات وحسابات على غرار الكابت “جورج زيدان” صاحب رواية عزازيل” وغيرهم من الفنانين الهابطين. حقيقة أن الشعور العام لدى الجزائريين قبل مقابلة بنغيلا كان شعور فخر واعتزاز وأن لديهم فريق مغوار هزم الكوت ديفوار بجدارة واستحقاق. نشوة الانتصار هي التي بقيت سائدة في شعورهم العام وهذا شيء إيجابي. لكن بعد الهزيمة الثقيلة وغير المنطقية أدركت الجماهير بحدسها الفطري أن شيئا ما حيك في الكواليس وأن المصريين لم يتخلوا عن ألاعيبهم وخططهم الدنيئة وأن صفقة بيع وشراء بالتعبير الشعبي قد طبخت في الخفاء, المتهم الأكبر هو الحكم الذي يتحمّل كل المهزلة التي وقعت في ملعب بنغيلا فكان مهزلة أمام أنظار الجماهير وعبر الكاميرات العالمية وأنظار الصحافة والاختصاصيين الذين حللوا المباراة. لم يعرف كيف يسير المباراة أحسن تسيير فيجعلها لحظات رائعة للمتعة والفرجة, فراح يكسر اللعب واللاعبين الجزائريين تكسيرا ابتداء بضربة جزاء ناقصة الشرعية فراح يشهر البطاقات الصفراء والحمراء بصورة مجانية وعلامات العصبية والاحتقان بادية وواضحة على ملامح وجهه, وهو الذي كان واجبه العمل على تهدئة اللعب وإعطائه النكهة والمتعة بخبراته. وبالرغم من الروح الانهزامية التي زرعها الحكم في نفوس اللاعبين, واصل فريقنا اللعب بثمانية لاعبين إلى آخر دقيقة بشجاعة وإقدام. هنيئا لمصر انتصارها وانتزاعها لكأس إفريقيا بطرق شيطانية وعقبال للفريق الجزائري المتألق والرائع والصامد الذي وصل إلى المربع الذهبي في الكأس الإفريقية ووصوله إلى كأس العالم بجنوب إفريقيا. أما الحكم البينيني, الذي شارف على التقاعد باغتياله الإجرامي للفرحة الخالدة الذي صنعها رفقاء شاوشي وزياني, سيطارده الإحساس بالعار والخزي والذل والهوان بعد خيانة مشواره الرياضي بضربة قاضية أمام أعين وكاميرات العالم. أما نحن الجزائريون رجالا ونساء وأطفالا فإننا سعداء بفريقنا الوطني صانع الأفراح التي لا تموت في ذاكرتنا. لقد انتصر الحكم البينيني وانكشفت عقدة المصريين اتجاه الجزائريين بعد مهزلة بنغيلا والقاهرة.