قالت الزميلة “المجاهد” إن وزارة الأشغال العمومية نظمت قبل 15 يوما زيارة “موجّهة” لعدد من اليوميات ل “مشروع القرن”، الطريق السيار شرق-غرب، ومدى تقدم الأشغال في هذا المشروع الضخم غموض يكتنف مشروعي مركز المراقبة ومعهد التسيير وجاءت هذه “الرحلة” للرد على ما كانت تناولته “الفجر” في أعداد سابقة عن التأخر الرهيب في مشروع الطريق السيار، والتضخيم في غلافه المالي، بوصوله إلى أكثر من 30 مليار دولار. وإذا كان مسؤولو وزارة الأشغال العمومية ووكالة الطرق السيارة حاولوا “الرد” على ما كشفته “الفجر”، إلا أن الأرقام التي قدّموها لا تناقض تماما ما قلناه، سيما نسبة تقدم الأشغال في أشطر الطريق السيار. لكن ما تجب الإشارة إليه هنا هو التناقضات العديدة التي وقع فيها المسؤولون على “مشروع القرن” الذي تحوّل إلى “فضيحة القرن”، وكذا تقديم أرقام خاطئة، كأن يقولوا أن شطر الطريق السيار شرق هو 399 كلم. والحقيقة أن طول الشطر هو 425 كلم، أي زيادة ب 26 كلم بولاية الطارف، لم يتم الإعلان عنها ولا توجد في أية وثيقة من وثائق الوزارة الوصية. ومن ضمن ما أخفاه المسؤولون على وسائل الإعلام في الرحلة الموجهة تلك، شطر الطريق في ولايات الوسط، ضمن ما يعرف ب “البرنامج القديم” (PEC) الذي يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، وبغلاف مالي يفوق 7 ملايير دولار، بعد إضافة البرنامج الجديد، والأجزاء من الطريق التي كانت جاهزة وأنجزتها شركات تركية وإيطالية. وهو ما سنعود إليه في أعداد لاحقة، ونربط جنسيات الشركات بسفريات وعطل مسؤولي الوزارة إلى تركيا على وجه الخصوص. لا تنه عن خلق وتأتي مثله: اتهموا عمارة بن يونس بالجهوية والانتماء السياسي وفعلوا أكثر منه كما حاول مسؤولو وزارة الأشغال العمومية، في سياق الرد على “الفجر”، إبعاد شبهة الجهوية والانتماء إلى الجهة والانتماء السياسي في قضايا التوظيف والترقية وأشغال المناولة في مشروع الطريق السيار، التي تحقق فيها مصالح الأمن المختصة وكذا المديرية العامة للضرائب. وهنا، كشفت مصادرنا أن وزير الأشغال العمومية عيّن أول مدير لوكالة الطرق السيارة، السيد كفوس، وهو من ولاية الشلف، وخلفه فيما بعد السيد لحمر، وهو من ولاية الشلف أيضا، وخلفه السيد زياني، المنتهية عهدته، وهو من ولاية الشلف أيضا. وكان وزير الأشغال العمومية كشف عن سابقه الوزير، عمارة بن يونس، بأن كل إطارات الوزارة من ولايتي بجاية وتيزي وزو، ومن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي)، غير أن الذي حدث هو أن الوزير غول، أقال المدير العام السابق من على رأس الوكالة. ويتعلق الأمر بالسيد مناصرية، وهو من ولاية سوق أهراس، ويوجد اليوم 38 مديرا ولائيا للأشغال العمومية من حركة مجتمع السلم. مشروعان لفائدة الجزائر مجمّدان.. لماذا؟! وفي سياق الكشف عن تماطل المسؤولين المباشرين عن هذا المشروع، الذي سيستهلك أكثر من 30 مليار دولار، والتعامل بليونة غير مفهومة مع المجمع الصيني بالخصوص والياباني بدرجة أقل، كشفت مصادر “الفجر”، المتابعة لملف الطريق السيار شرق-غرب، عن عدم احترام الجانبين الجزائري، ممثلا في وكالة الطرق السيارة من جهة، والمجمعين الصيني والياباني من جهة ثانية، لما تم الاتفاق بشأنه والتوقيع عليه في عقد الصفقة، والخاص بمشروع مركز مراقبة الجودة ومعهد تسيير المشاريع الكبرى. هذان المشروعان، لم يتم إنجازهما لحد الآن، بل لم يتم حتى وضع حجر الأساس لإنجازهما. وبالعودة إلى المشروعين، كشفت مصادر “الفجر” أن غموضا يكتنف الأمر، حيث تنص مواد الصفقة أنه لإنجاز مشروع الطريق السيار شرق- غرب يجب التزام مجمع “كوجال” الياباني بإنجاز مركز مراقبة الجودة في الجزائر، وقرر وزير الأشغال العمومية أن يكون المركز في ولاية عين الدفلى، مسقط رأس الوزير. وما تجب الإشارة إليه أن مجمع “كوجال” الياباني مكّلف بإنجاز شطر الشرق من الطريق السيار، وأكثر مؤسسات وشركات الأشغال العمومية توجد في ولايات شرق البلاد، فكيف تقرر تحويل المركز من الشرق إلى عين الدفلى؟ كما أن المشروع مسجل في البرنامج الخماسي 2005/ 2009، ولم يتم -كما أشرنا- وضع حجر أساسه إلى غاية اليوم. أما ثاني مشروع، وهو معهد تسيير المشاريع الكبرى، ومن المفروض أن ينجز في منطقة سيدي عبد الله بالعاصمة، وخصصت له الدولة مساحة 12 هكتارا، وذلك بعد أن طلب رئيس الجمهورية من المجمعين إنجاز المشروعين، حيث قبل اليابانيون والصينيون الأمر، وقبلوا بتمويلهما، وحضّروا الدراسات التقنية، لكن مسؤولو وزارة الأشغال العمومية ووكالة الطرق السيارة يرفضون الإفراج عنهما منذ سنتين، ما يطرح أكثر من علامة استفهام. وبالعودة إلى ما قدمه مسؤولو وكالة الطرق السيارة في الزيارة “الموجّهة”، للرد على ما كشفته “الفجر”، أن هناك بعض التقنيات الحديثة تستعمل لأول مرة في الجزائر لحفر الأنفاق، في إشارة منهم إلى نفق جبل الوحش في قسنطينة. وهنا قالت مصادرنا إن التقنية قديمة واستعملت أول مرة سنة 1975 في نفق خراطة من قبل شركة يوغسلافية، ما يؤكد أن المسؤولين عن تأخر تسليم الطريق في الآجال المحددة في الصفقة 17 جانفي 2010 يبحثون للمجمعين الصيني والياباني الفاشلين عن مبررات واهية. وبلغت درجة “التواطؤ” حد فبركة وثائق لفائدة المجمعين، كتلك التي وقعها مدير عام الوكالة بالنيابة في ديسمبر 2009 يقرر فيها تمديد الأشغال بمبرر التقلبات الجوية، ثم يوقع وثيقة ثانية في جانفي 2010 يقرر فيها التمديد بمبرر الأشغال الإضافية (التكميلية)، مثلما كانت “الفجر” أشارت إليه في عدد سابق. وفي سياق ذي صلة، صرح وزير الأشغال العمومية نهاية السنة الماضية، كما صرح مسؤولو وكالة الطرق السيارة، أن نسبة تقدم الأشغال في الطريق السريع بلغت 98 بالمائة، ما يعني أن الأشغال انتهت. لكن علمنا من مصدر مسؤول أن وزارة الاشغال العمومية، قررت تأجير مقر لمديرية البرنامج الجديد (دي. بي. أن)، وهي المديرية التي تتابع مشروع الطريق السيار، في بلدية أولاد فايت بالعاصمة بقيمة 150 مليون سنتيم شهريا. الأمر الذي يدفع للتساؤل عن سبب قرار كراء مقر لمديرية تتابع أشغال هذا المشروع الذي انتهى بنسبة 98 بالمائة، حسب تصريحات الوزير غول؟ أكثر من ذلك، تحوز “الفجر” على وثيقة تكشف فيها أن رئيس الحكومة في 2007، السيد عبد العزيز بلخادم آنذاك، قرر منح قطعة أرضية مساحتها 23 ألف متر مربع، تخصص لإنجاز مقر مديرية البرنامج الجديد (دي. بي. أن)، تقع بالقرب من قصر المعارض بالصنوبر البحري، وقررت وزارة الأشغال العمومية تحويله إلى مديرية أخرى. والسؤال المطروح: لماذا لم ينجز المقر؟ ولماذا تم تحويله لمديرية أخرى؟ ولنا عودة بأكثر تفاصيل.