انتهت، أمس، رسميا، الآجال القانونية التعاقدية لإنجاز الطريق السيّار شرق-غرب، التي كانت محددة ب17 جانفي .2010 الأسبوع الماضي قدمت ''الفجر'' العشرات من الأسئلة عن هذا المشروع ''الحلم'' الذي التهم الملايير من الدولارات والدنانير، ولا يزال، ولن يتم تسليمه لا في جانفي ,2010 ولا في جويلية 2010، ولا حتى في نهاية 2014، بالنظر إلى التأخر المسجل على مستوى الأشغال، وتأخر إعلان المناقصة الوطنية والدولية المتعلقة بتجهيز طريق ''شبح''· مما تساءلت عنه ''الفجر'' بعد أكثر من شهر ونصف من البحث والتدقيق بشأن مشروع القرن، أو فضيحة القرن، هو من المسؤول عن هذا التأخر ''الرهيب''؟ واستكمالا لما كنا أشرنا إليه في عدد سابق، سنقدم اليوم بعض أسباب التأخر، ومن المسؤول عن هذه ''الكارثة''· على الورق تبيّن أن الوكالة الوطنية للطرق السيّارة، وهي المسؤولة الأولى، منذ بداية المشروع في سبتمبر 2006، عاجزة عن تجسيد هذا الحلم، وكانت (الوكالة) وراء تأخر انطلاق الأشغال بأربعة أشهر (ديسمبر) .2006 هذا التأخر كان وراء استحداث قسم جديد أوكلت له متابعة المشروع وإخراجه إلى النور، حيث اجتمع مجلس إدارة الوكالة وأنشأ ''مديرية البرنامج الجديد (Division programme neuf) واختصارا ''دي بي آن'' (DPN) بقرار وزاري بتاريخ 22 /12/ .2006 بعد ذلك بيوم واحد (23/12/2006) وقّع وزير الأشغال العمومية قرار تعيين الدكتور خلادي على رأس المديرية، وطلب منه ''إنقاذ'' المشروع في بدايته، ومنحه صلاحيات كاملة، وتفويض بالتوقيع باسمه· وقد سعت الهيئة الجديدة هذه إلى تحريك المشروع· التأخر، إذن، كان منذ بداية مشروع القرن، حيث تم تسجيل تأخر بأربعة أشهر كاملة، من مدة ال40 شهرا، تضمّنتها عقود الإنجاز الموقّعة مع المجمّع الياباني ''كوجال''، والصيني ''سيتيك سي آر سي سي''· السبب الآخر الذي قالت مصادرنا إنه وراء تأخر تسليم المشروع في آجاله المحددة ب17 جانفي ,2010 هو غياب مكاتب مراقبة ومتابعة الأشغال والنوعية، حيث وقّعت الجزائر الصفقة مع المجمّعين الياباني والصيني، وأصدرت أمر انطلاق الأشغال (ODS) في 18 سبتمبر 2006، ولم يتم الإعلان عن مناقصة وطنية ودولية، الأمر الذي فسّره متابعون للملف ب''سوء تقدير وتسيير'' من قبل مسؤولي وكالة الطرق السيّارة، صاحبة مشروع الطريق السيّار شرق-غرب· وأمام هذه ''الأزمة''، استنجد مدير البرنامج الجديد بمكاتب الدراسات والمراقبة العمومية الوطنية، ممثلة في ''سايتي'' و''آس أو تي آس'' و''آس أو تي آ''، وكذلك المخابر العمومية الوطنية مثل مركز المراقبة التقنية للأشغال العمومية والمخبر الوطني للأشغال العمومية وغيرهما، وكان ذلك لمرحلة انتقالية، سببها عدم إعلان صفقة مكاتب المتابعة والمراقبة· تواصل العمل بهذه الطريقة، وفي هذه الأثناء يراسل الأمين العام للوكالة الوطنية للطرق السيّارة مكتب الدراسات والمتابعة والمراقبة الإيطالي، في ماي 2008، يطلب منه وضع تجهيزاته في الميدان (أرضية مشروع الطريق السريع شرق-غرب)· إلى هنا يبدو الأمر عادي، لكن ما هو غير عادي، ووجب على السلطات المكلّفة بالتحقيق في ملف مشروع القرن، أو ''فضيحة'' القرن، هو مراسلة أمين عام الوكالة لمكتب الدراسات الإيطالي في ماي 2008، قبل حتى الإعلان عن الصفقة وتقييم العروض وتحديد الفائز بالصفقة· وهذا سؤال آخر من الألف سؤال حول مشروع الطريق الحلم· وزير الأشغال العمومية ظهر 1200 مرة في التلفزيون من بين الأسباب الرئيسية التي كانت وراء تأخر تسليم المشروع، هو الزيارات المتكررة والعديدة لوزير الأشغال العمومية ومدرائه المركزيين للورشات في الولايات· وفي هذا السياق، اشتكت الشركات المكلفة بالإنجاز في تقارير رسمية تكرار وتعدد زيارات الوزير والوفد المرافق له لمواقع الإنجاز، الأمر الذي يتسبب في توقف الأشغال ''تحضيرا لتلك الزيارات''· في هذا السياق تحصّلت ''الفجر'' على تقرير، جاء فيه أن عدد مرات ظهور وزير الأشغال العمومية في شاشة التلفزيون منذ ترأسه قطاع الأشغال العمومية 1200 مرة، فلو قام الوزير في كل ظهور له في التلفزيون الجزائري سلّمنا كيلومتر واحد فقط لسلمنا لحد اليوم جل الطريق السريع شرق - غرب، والطريق الاجتنابي الثاني للعاصمة (بودواو-زرالدة)، وكذا الطريق الاجتنابي الثالث للعاصمة· هذا الظهور ''الزائد'' عن حدّه، انقلب إلى ضده وكان محل ملاحظة السيد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، عندما ألقى خطابا مهما في أرزيو بولاية وهران، ووجّه انتقاده مباشرة إلى وزير الأشغال العمومية، وطلب منه عدم الظهور في التلفزيون لتقديم كيلومتر أو اثنين فقط من مشروع بطول 1216 كلم· طريق سريع بدون محولات ولا تجهيزات وبالعودة إلى أسباب تأخر استلام المشروع ''الضخم''، تقول مصادرنا المطّلعة على الملف، إن المشروع أعطي له الضوء الأخضر دون الأخذ بعين الاعتبار إنجاز المحولات والشبكات المتعددة الخدمات، حيث لم تتضمّن الصفقة الإطار الموقّعة مع المجمّعين الياباني والصيني على 42 بند محولا للطريق السيّار· بعض هذه الأسباب غير المنطقية، برأي الخبراء، كانت وراء قرار تمديد آجال الإنجاز ب6 أشهر ونصف، بمبرر التقلبات الجوية، وبقرار إداري من المدير العام بالنيابة لوكالة الطرق السيّارة، دون مراعاة الإجراءات القانونية والإدارية المعمول بها في هذا المجال· ومن بين الخروقات التي تمت في ملف تمديد الآجال، ذكرت مصادرنا أن العقد المبرم مع الشركات المنجزة، يحدد في بعض مواده إجراءات حساب توقف الأشغال بمبرر التقلبات الجوية، من ذلك المادة ''أ ''56 التي تلزم أن شركة الإنجاز تدخل في حساباتها 20 يوما توقف عن كل سنة، كما تنص المادة ''أ ''20 من ذات العقد أن شركة الإنجاز مطالبة ببرمجة الأشغال وحسن تنظيمها''، كما تنصّ التعليمات بهذا الشأن على ضرورة اعتماد نشرية الورشات (Journal du chantier)، وهو ما لم يحصل في قرار تمديد آجال بستة أشهر ونصف لفائدة الشركات المنجزة· وستواصل ''الفجر'' في أعداد لاحقة نشر بعض خبايا هذا الملف، لا سيما قضية التمديد في الآجال، والتزوير لفائدة المجمّعات وضد خزينة الدولة، من خلال إعفاء اليابانيين والصينيين من عقوبات التأخير التي تنصّ عليها قوانين الجمهورية، كما سنكشف ملف المناولة في مشروع الطريق السريع والقرارات الأخيرة الصادرة عن مدير البرنامج الجديد الذي ألغى كل القرارات التي وقّعها سابقه، وأفرج عن عديد الملفات تتعلق بالفساد، تحفّظ سابقه التأشير عليها، ما يطرح أكثر من سؤال·