لم يجد أرباب الأسر من وسيلة لمواجهة الارتفاع الفاحش لأسعار البصل الذي بلغ عتبة 100 دينار للكلغ، ولم يجد المتسوق عبر أسواق الخضر والفواكه من تفسير لذلك الارتفاع الجنوني سوى ضرب الكف على الكف الفلاحون تفادوا غرسه هذه السنة بسبب خسائر موسمين وفي كنف تلك الوضعية اختلفت آراء الفلاحين والتجار في أسباب الارتفاع، حيث يتهم تجار الجملة والفلاحون نظراءهم تجار التجزئة، فيما أرجعت مصادر أخرى السبب إلى تخلي الفلاحين عن غرسه هذا الموسم بعد الأسعار المتدنية التي بيع بها خلال الموسم الفارط. أوضح الأمين العام لاتحاد الفلاحين الأحرار ”قايد صالح” أن سبب ارتفاع أسعار البصل يعود إلى نقص الإنتاج هذه السنة مقارنة مع السنوات الفارطة، حيث عزف العديد من الفلاحين عن إنتاج البصل بسبب الخسائر التي لحقت بهم خلال الموسمين الفارطين، حيث كان يقتني تجار الجملة البصل من المناطق المنتجة بسعر تراوح ما بين 02 إلى خمسة دنانير للكلغ، الأمر الذي أجبر الفلاحين على التخلص من المنتوج بأسعار رمزية مقارنة بتكاليف غرسه، وأضاف قايد صالح أن تلك الوضعية انعكست على وتيرة إنتاج البصل، حيث عمد أغلب الفلاحين إلى استبدال غراسة البصل، بالتوجه نحو إنتاج بعض الخضروات التي تدر عليهم أرباحا تعوضهم عن الخسائر التي ألحقت بهم. ويرى ذات المتحدث في اتصال ب”الفجر”، أن أسعار البصل لن تتراجع في الوقت الحالي إلى غاية حلول فصل الصيف، كما أن التحكم في أسعار الخضروات والمحاصيل الفلاحية لا يمكن أن يتحقق في ظل غياب مصانع تحويل المنتجات الزراعية، مثلما هو معمول به في أوربا، حيث يتم اقتناء فائض الإنتاج من الفلاحين لصالح مصانع تحويل المنتجات، فعلى سبيل المثال لا الحصر تحويل البصل إلى مسحوق. وعلى عكس تلك التصريحات، برر رئيس جمعية سوق الجملة للخضر والفواكه بالكاليتوس ”مجبر محمد” الارتفاع الجنوني لأسعار البصل، بالفوضى السائدة على مستوى أسواق التجزئة، حيث يباع الكلغ من البصل ب 45 دينار في سوق الجملة، ليرفعه تجار التجزئة إلى حدود 100 دينار دون حسيب ولا رقيب، مبررهم في ذلك أن أعوان المراقبة لا يمكنهم التدخل في الأسعار، ويبقى تدخلهم محصورا في مراقبة النوعية على مستوى أسواق الجملة، أما الأسعار فإنها حرة كل تاجر يحددها وفق أهوائه، وأضاف مجبر محمد أن تجار التجزئة لا يرون مانعا في الجهر بذلك، لا سيما وأن تحديد أسعار البيع لا تقابله قوانين تجارية تحدد هوامش الربح، في ظل عدم تدخل الهيئات المعنية التي من المفروض أن يمتد نشاط أعوانها إلى الاطلاع على فواتير الشراء ومراقبة تشهير الأسعار. جدير بالذكر أن وزير التجارة سبق وأن تطرق بشيء من الصرامة إلى الوضع القائم، حيث قال ”لقد استنتجنا أن هناك بعض التجار يستغلون مواقعهم المهيمنة، وأعوان المراقبة يشهدون هذه الممارسات ولا يستطيعون فعل أي شيء، وهو ما جعلنا نُقرر تنظيم النشاط التجاري”، وذهب إلى التأكيد على أن الدولة ستقضي نهائيا على السوق الموازية آجلا أم عاجلا، وستضع حدا للاحتكار الممارس من قبل بعض التجار، كما شدّد على أنه من المرتقب توجيه تعليمات لاحترام القانون المتعلّق بالعمليات التجارية، وعلى التجار احترام كل الإجراءات باعتبار أن هناك عقوبات تتمثل في غرامات مالية وسحب السجل التجاري بصفة مؤقتة أو دائمة مع توجيه طلب للعدالة لشطب التجار الذين لا يحترمون هذه الإجراءات.