“أيها المسؤولون أنقذونا من مافيا تجارة أسمدة الدجاج، شكوناهم إلى جميع السلطات المعنية ولم تفعل لهم شيئا..” بهذه العبارات استقبلنا سكان قرية أولاد سالم ببلدية بلعايبة بالمسيلة، زوال يوم الجمعة التجار اختاروه كمكان لتجفيف الأسمدة وتحويلها لوادي سوف، بسكرة وورڤلة حيث وصلتنا شكوى في وقت سابق تفيد أن سكان المنطقة ظهرت عليهم عدة أمراض منها الحساسية وكذا الأمراض الجلدية خاصة الليشمانيا بسبب الانتشار الفظيع لأطنان من الأسمدة الناتجة عن فضلات الدجاج، التي يجلبها بعض التجار من الجزائر العاصمة وبعض الولايات الأخرى ويقومون بتفريغها بمحاذاة القرية المذكورة متسببين في إزعاج السكان، حيث تنتشر الروائح الكريهة وأسراب الذباب الذي احتل مساكن المواطنين. هذه الصورة التي حملناها معنا قبل الوصول إلى المنطقة، حيث كانت وجهتنا في البداية التجمع السكاني أولاد قطوش، الذي وصلنا إليه بصعوبة كبيرة بسبب اهتراء المسلك الترابي المؤدي له، وعند وصولنا وجدنا بعض السكان الذين أرشدونا مباشرة إلى المكان المقابل للتجمع السكني الذي اختاره تجار الأسمدة كمكان مفضل لرمي الأطنان من فضلات الدجاج التي تجلب من عدة ولايات ويتم تجفيفها بالمنطقة ثم تحويلها للبيع باتجاه ولايات وادي سوف، بسكرة وورڤلة وغيرها من ولايات الجنوب التي يستعمل فلاحوها كأسمدة ناتجة عن فضلات الدجاج. السكان وحسب حديثهم إلينا، أكدوا أنهم تقدموا بعدة شكاوى لمختلف السلطات المحلية، بما فيها مديريتي البيئة والصحة بالولاية غير أنهم لم يلمسوا أي تجاوب، وعدم تدخلهم ساهم بشكل كبير في ازدهار التجارة المذكورة التي أصبحت خلال السنوات الأخيرة بؤرة لانتشار مختلف الأمراض. كما أشار السكان إلى حالات الحساسية والأمراض الجلدية خاصة الليشمانيا التي فتكت بهم، بالإضافة إلى أسراب الذباب الذي غزا بيوتهم ولم تنفع معه مختلف وسائل المكافحة بما فيها المبيدات، كما ذكروا أن الروائح الكريهة نغّصت حياتهم وبدأوا يفكرون في ترك ممتلكاتهم والرحيل إلى وجهة أخرى بعدما أحسوا بغياب مصالح الدولة وسيطرة هؤلاء التجار الذين كلما تقدموا منهم لمحاولة حثهم على الابتعاد عن مساكنهم قالوا لهم بأنكم لن تفعلوا لنا شيئا و”روحوا تشكو للوالي”. وغير بعيد عن التجمع السكاني أولاد قطوش هناك التجمع السكاني المحاميد، الديالم، العوامر، الهزال والسلالخة التابع لولاية باتنة والبشاطة التابع لولاية سطيف وكلها تعاني من نفس المشاكل خاصة أثناء هبوب الرياح، حيث يستحيل على الإنسان تحمّل تلك الروائح الكريهة، وهو ما وقفنا عليه في الجهة الشمالية للقرية، وغير بعيد عن العائلة المكفوفة حيث وجدنا مئات الأطنان مكدسة بعضها شرع في تجفيفها حيث تفرز روائح كريهة ومقرفة، كما تأتي معها أسراب من الذباب الذي لم يسبق لسكان المنطقة أن شاهدوه في حياتهم. واستطعنا التوغل بحرية والتقاط العديد من الصور داخل مملكة مافيا أسمدة الدجاج دون أن يتقدم منا أصحابها أو يمنعوننا من أداء مهمتنا كما أن رئيس البلدية الذي كان معنا قال بأنه لم يسبق وأن زار المنطقة وشاهد تلك الأكوام من الأسمدة، حيث توعد باتخاذ إجراءات فورية والقضاء على كل المظاهر السلبية التي تؤثر على صحة المواطنين بالمنطقة الذين يفوق عددهم 3 آلاف نسمة ينتظرون تدخل باقي المسؤولين عبر مختلف القطاعات.