باتت الأجهزة الأوتوماتيكية لسحب الأموال عبارة عن ديكور يزين واجهة مراكز البريد كونها لا تقوم بالخدمة اللازمة لغياب الأوراق النقدية ذات 200 دينار بسبب اهترائها، كون أن هذه الآلات لا يمكنها قراءة الأوراق الممزقة، وأجبرت تلك المعضلة زبائن بريد الجزائر على التقرب من الشبابيك قصد سحب أموالهم بواسطة الصكوك البريدية وتحمّل فترة الانتظار في الطابور التي تستغرق أكثر من ساعة في أحسن الأحوال إن لم تكن أجهزة الإعلام الآلي معطلة أو نفدت السيولة بالمكتب. والأمر يزيد حدة بين ال 12 و25 من كل شهر، أحين تصرف رواتب رجال الدرك والأمن الوطنيين وكذا رواتب المعلمين والأساتذة والمتقاعدين. بعض زبائن بريد الجزائر ممن التقتهم “الفجر” ببلديات برج الكيفان، برج البحري والرويبة، أجمعوا على أن أفضل طريقة لسحب أموالهم تتمثل في التقرب من شبابيك الدفع، لأن بطاقات السحب الإلكترونية لا تسمح لهم بسحب أكثر من 20 ألف دينار. في سياق متصل، يقول أحد الموظفين “أفضّل الطابور بدل آلة السحب”، ليقاطعه مواطن آخر بالقول إنه في آخر كل شهر عليه أن يتغيب عن عمله ويخصم منه يوم مع الحوافز، حتى يسحب راتبه الشهري، الذي تفقد نكهته بسبب ما تفرزه الطوابير بمكتب البريد من مناوشات كلامية بين المواطنين وموظفات الشبابيك. أما أحد المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة فيقول إن البطاقة الممغنطة تساعده لأن راتبه يصل إلى الحد الأدنى الذي يمكنه من السحب. وقد واصلت “الفجر” جولتها حتى آخر بلدية تنتمي للعاصمة من الجهة الشرقية وهي بلدية الرغاية التي ترى قبالة مكتب بريدها طوابير طويلة أمام جهاز السحب بالبطاقات الممغنطة بسبب تعطل جهاز السحب الإلكتروني في انتظار تدخل الجهات المسؤولة عن إصلاحه بمركز تسييره ببئر توتة. دخلنا مكتب بريد آخر بالضاحية الشرقية للعاصمة فوجدناه يعجّ بالمواطنين، سألنا إذا ما كان هناك سيولة أو أعطب في الحواسب فأبلغونا أنه ناجم عن انقطاع الكهرباء، وأضاف متقاعد أن بلدية مثل برج البحري بها مركز بريد واحد فقط، وهذا لا يكفي لتلبية طلبات زبائن البريد، فهناك بلديات تتوفر على أكثر من مركز تقدم فيها خدمات راقية.