الاحتيال الضريبي هو "انتهاك لقانون الضرائب عن علم"، وتعرفه الإدارة الضريبية بأنه "مجموعة من التشكيلات القانونية والمحاسبية أو مجموعة من الآليات لتجنب الضرائب". أما التهرب الضريبي فهو مفهوم آخر يشير إلى ظاهرة أخرى أكثر صعوبة، نظرا لتعدد أسبابها، ومن تلك الأسباب الناتجة عن الإدارة الضريبية نفسها التي قد تتخلى عن بعض الثغرات الضريبية نتيجة التقييم غير الصحيح للوعاء الضريبي مما يسمح ببروز بعض النشاطات غير الرسمية أو الموازية. الاحتيال الضريبي، على خلاف التهرب من دفع الضرائب، هو "جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس". يمكن أن نلاحظ على الفور أن الاحتيال والتهرب من دفع الضرائب، في الجزائر، للأسف هما واقع شائع إلى حد كبير. وأكثر ما يؤسف له هو أن التهرب والاحتيال الضريبي في الجزائر لا يمكن تقييمهما بشكل صحيح، وعليه فإن البيانات الإحصائية المتاحة لا يمكن أن توصلنا إلى نتيجة تذكر بسبب عدم موثوقية المعطيات والإحصاءات المتاحة. على سبيل المثال، القطاع الخاص الجزائري يشارك بما يقارب 78٪ من إجمالي القيمة المضافة (باستثناء قطاع المحروقات) لكنه لم يشارك في عام 2003 سوى بمعدل 0.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي للضرائب العادية. ومن الواضح أن المتعاملين الخواص ليسوا جميعا من المتحمسين لفكرة التهرب من دفع الضرائب ولكن هذه الأرقام تقدم دائما من الإدارة الضريبية لتبرير رفضها للاستجابة لطلبات الحصول على إعفاء أو تخفيف الضرائب التي تتقدم بها شركات القطاع الخاص، فهل هي مزعجة جدا للموارد المالية العامة ولكن أيضا لشعورنا بالمسؤولية المدنية والمواطنة والتضامن؟ هناك، كما تقول الإدارة الضريبية، تطور كبير في مجال التهرب الضريبي في بلادنا. مثل هذه النتيجة مفاجئة إلى حد ما، لأنه من حقنا أن نسأل ماذا يفعل أو ماذا فعل وزراء المالية المسؤولون عن إدارة الجباية، سوى الحديث عن التهرب والاحتيال الجبائي؟! ماهي أشكال التهرب من دفع الضرائب في الجزائر؟.. حسب الإدارة الضريبية، تتمثل هذه الصيغ في: 1 - البيع والشراء بدون فاتورة. هذه الظاهرة معمول بها على نطاق واسع في الجزائر. على الرغم من الأضرار التي تلحقها بالاقتصاد الوطني من ناحيتين: أ) الخزينة العمومية تخسر الضريبة على القيمة المضافة التي يتم تحصيلها من قبل التجار المحليين، لا يمكن استردادها. ب) المنافسة غير العادلة أصبحت أكثر انتشارا، وأسعار المتعاملين دون فاتورة أكثر تنافسية من تلك التي يطبقها التجار القانونيون. 2 - وقد وجدت الإدارة الضريبية أيضا ممارسات غريبة من طرف التجار الجزائريين، فهم يؤجرون السجلات التجارية لتجار وهميين غير خاضعين لسيطرة السلطات الضريبية. 3 - المزايا الضريبية التي يمنحها قانون الاستثمار، ثم السيطرة عليها من قبل "مستثمرين وهميين" الذين لا يستعملون الرخص التي منحت لهم سوى للحصول على المزايا الضريبية. 4 - إن انتشار الأسواق غير الرسمية سبب خسائر كبيرة للخزينة نظرا للكمية الكبيرة من السلع التجارية والمبالغ الضخمة المتداولة في هذه الأسواق. 5 - سوق العقارات غير شفافة وتطبعها المضاربة. تحويل مداخيل ضخمة خلال تداول العقارات. غياب الشفافية في هذا القطاع خطير جدا نتيجة التصريح الكاذب بالقيم الحقيقية للعقارات سواء عند البيع أو الإيجار. 6 - الأنشطة الحرة، في حال عدم وجود نظام تعريفات موحد، تبقى الضرائب منخفضة للغاية على النشاطات الحرة. 7 - يمكن إضافة إلى كل هذه الممارسات الاحتيالية، عدم استخدام الوسائل الحديثة للدفع بما في ذلك الصك. حاليا يتم شراء وبيع كل شيء نقدا. وهي ممارسة "الشكارة". أسباب التهرب الضريبي التي تشدد عليها في معظم الأحيان الإدارة الجبائية هي تلك المتعلقة بما يلي: - الانفتاح التجاري - تحرير نظام الأسعار. يظهر أن الإدارة الضريبة تحمل اقتصاد السوق التهرب الضريبي؟ وهنا نرى تأخر إدارتنا الضريبية بخصوص ثقافة الانفتاح على المنافسة، وإزالة البيروقراطية في القطاع الاقتصادي. - تسهيلات الحصول على السجل التجاري. - ضعف السيطرة على الإدارة الاقتصادية. - عدم مسايرة الإدارة الجبائية للتحولات الاقتصادية الجارية على الصعيد الوطني والعالمي، يعتبر من الأسباب المباشرة للتهرب الضريبي. ولكن إذا كانت هذه هي نقاط الضعف في الإدارة الضريبية، فإننا لا نفهم لماذا لم يتم تصحيح هذه الأخطاء، على الرغم من أن الجزائر اختارت اقتصاد السوق منذ ما يقرب من عشرين عاما! إن الإدارة المالية التي لا تستطيع تحصيل الضرائب، هي دليل قوي على الدولة الضعيفة.