تشير آخر الأرقام التي أعلن عنها وزير التضامن الوطني إلى أن مختلف أجهزة الدولة وزعت أكثر من مليون قفة على الصائمين المحتاجين، والغريب في الأمر هو تحول الملف إلى شكل من أشكال الاستعراض وحتى المباهاة، رغم أن الأرقام المقدمة تشير وبمحدودية إلى وجود جزء كبير من المجتمع يعاني الهشاشة والتهميش، قد يصل تعداده إلى خمس الجزائريين، في حالة ترجمة الأرقام المعلنة وحدها، وهذا بإجراء عملية حسابية بسيطة تنطلق من اعتبار 5 أفراد كمعدل أعضاء العائلة سجل عضو الأمانة السياسية لحزب العمال، جلول جودي، استغرابه من تباهي بعض ممثلي الحكومة، عندما يكشفون عن عدد المساعدات الموجهة لفئة المحتاجين خلال شهر رمضان، “ظنا منهم أنها أمر إيجابي”، ويواصل “عندما يعلنون مليونين أو ثلاثة ملايين قفة، فهذا يعكس وجود خلل وارتفاع عدد المحتاجين”. وقال جلول جودي، في تصريح ل “الفجر”، “إنه بدلا من تقديم القفة التي تبقى أمرا إيجابيا للفقراء، إلا أنها حل ترقيعي”، واقترح بدلا من ذلك التفكير في حلول جذرية للمشاكل، وليس استبدالها بإعانات ظرفية، كخلق مناصب شغل قارة، ورفع الأجور، وحماية القدرة الشرائية للمستهلك، وأضاف “إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الواقع، فإن العمال يصنفون في خانة المحتاجين، طالما أن الأجر القاعدي الأدنى المضمون 15 ألف دينار، ومنحة الشبكة الاجتماعية 3 آلاف دينار، ومنح ما قبل التشغيل 12 ألف دينار. وقال “إن الإشكالية لا تكمن في استبدال الصك بالقفة، وإنما وضع نظرة شاملة للتكفل بالمجتمع وانشغالاته”. وعلى العكس من ذلك، ثمنت الأفالان الإعانات التي تقدمها الدولة للمعوزين، سواء أتت في صيغة صك أم قفة، وقال أمس عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام، عيسى قاسا، في اتصال مع “الفجر”، إن تخصيص أشغال الجامعة الصيفية للافالان مؤخرا لدراسة وتشريح البرنامج الخماسي لرئيس الجمهورية أكبر مساهمة من الحزب استعدادا للدخول الاجتماعي المقبل، وأضاف أن اللجان برمجت لقاءات خلال شهر رمضان من أجل مواصلة عمليات التشخيص وتقديم الاقتراحات الخاصة بعدة قطاعات. من جهة أخرى، عبرت حركة النهضة عن استيائها لعودة الحكومة إلى استعمال قفة رمضان في التعاطي مع العائلات المعوزة وتراجعها عن فكرة منح الصكوك، معتبرة أن عمليات توزيع قفة رمضان باتت تخضع لمعايير حزبية وتجارية تخدم مصالح استحقاقاتية ضيقة. كما اعتبر حزب العمال القفة الموجهة لفئة المحتاجين حلا ترقيعيا وظرفيا، داعيا إلى البحث عن حلول أنجع تغني المواطن في المستقبل عن بسط يده لالتقاط “الصدقة”. وانتقدت حركة النهضة الطريقة التي تدار بها عملية توزيع قفة رمضان وخروجها من النطاق الإنساني، الذي كان من المفروض أن تبقى فيه. وأكد النائب عن الحركة، محمد حديبي، في اتصال مع “الفجر”، أن حصص البلديات من قفة رمضان خضعت لمعيار حزبي وسياسي ضيق، وغير عادلة، ولم تخضع لمعيار الأسبقية. وقال محمد حديبي، إن” رؤساء البلديات السائرين في فلك الحكومة، والذين عززت حصصهم من قفة رمضان، قاموا بتوزيع القفة على الأشخاص المحتاجين الموالين لهم، الذين يمنحونهم أصواتهم خلال الانتخابات”. وذهب ممثل حركة النهضة إلى حد ربط عملية استبدال الصك بالقفة بالمصالح التجارية الضيقة لرؤساء البلديات، وأضاف أن هذه الصيغة تمكن القائمين على توزيع قفة رمضان، بعقد صفقات تجارية مع المؤسسات والتجار الذين يختارونهم، والذين يكونون هم أيضا في المستقبل حلقة من حلقات المصالح السياسية والتجارية التي تستثمر في المواعيد الانتخابية. وفيما يخص برنامج الحزب خلال شهر رمضان، أكد المتحدث أنه تم الإعلان عن تنظيم إفطار جماعي لفائدة المحتاجين ببيوت المناضلين، بشكل دوري، كصيغة للتضامن مع هذه الفئة المحرومة، كما برمجت عدة جلسات خلال السهرات لتدارس الاستعدادات والتحضير للدخول الاجتماعي المقبل، الذي قال عنه النائب، إنه سيكون كارثيا.