يقبل سكان شرق وجنوبالجزائر بشكل واسع على استهلاك طبق ”الدوبارة” الشعبي الشهير في رمضان، ويتعلق الأمر بوجبة حارة كثيرة التوابل قادمة من الجنوب القادم من بوابة الصحراء ”بسكرة”. فبعدما كانت الدوبارة مقصورة على جنوبالجزائر فحسب، غزت في السنوات الأخيرة مناطق في شرقي البلاد والشمال أيضا وحسب ما جاء في موقع الإذاعة الوطنية، فإن الكثير من المواطنين يرون أن هذا الطبق المتوارث الذي تزكم رائحته القوية الأنوف، يتوفر على عديد المزايا التي يستفيد منها الصائمون، علما أنّه يحتوي على مرق حار كثير التوابل يجري طهيه بالفول والحمص كما يتم سقيه ب”وصلتين” من زيت الزيتون ما يسيل الكثير من اللعاب قبيل الإفطار. ويشيد من سبق لهم تذوّق طبق ”الدوبارة” المنعش، بما ينطوي عليه من نكهة خاصة يطبعها مزيج من الفلفل الأحمر والأخضر والثوم والكمون، وتزيده بهاء قطع صغيرة من الليمون الأصفر، ما يمنح ”الدوبارة” شكلا رائعا يثير الشهية خلال الشهر الفضيل. وتبرز في المناطق الشمالية مثل الجنوبية، تلك الطوابير الطويلة التي تمتد أمام مداخل مطاعم مختصة زاد عددها كالفطريات، وهي تقترح أطباقا محمولة من ”الدوبارة” الشهيرة. يقول رفيق (30 سنة) إنّه كغيره من عشّاق الأطباق الحارة، يهيم بالدوبارة، وعادة ما يمنحه البائع فلافل كاملة طازجة أو مصبّرة في الخل تكون مصاحبة لطبق الدوبارة. وظلّ هذا الطبق ”الشتوي الطابع” حاضرا بامتياز منذ القديم على موائد الجزائريين من خلال طبق ”الحمص دوبل الزيت” وهما طبقان شبيهان ببعضهما، ويُعرفان بقدرتهما على منح الدفء والقوة في عز الشتاء القارس. ومن أشهر الطهاة، الطبّاخ الفنان الراحل ”عمي علاوة” الذي كان محله الصغير في حي ”بوتيه” بقسنطينة، قبلة للكثيرين من أولئك الذين لا يستطيعون مقاومة تناول طبق الحمص، كما بقي طبق ”الدوبارة” دائم الحضور في المدن الكبرى إلى جانب ”اللوبيا” و”الدوّارة”، لدرجة أنّ بعض المطاعم مختصة فقط في تقديم مثل هذه الأطباق لشدة الإقبال عليها. وإذا كان البعض يرجع الإقبال المتزايد على ”الدوبارة” إلى تأثير الرائحة المنبعثة من طبقها وشكل تقديمها، فإنّ البعض الآخر يؤكدون أنّ ذلك متصل بالطريقة التي تباع بها كذلك، حيث حوّلها باعة مؤقتون إلى بضاعة رائجة خلال هذا الشهر الكريم، وتراهم لا يكفّون عن الصياح والإشهار الصوتي للدوبارة بعبارة (هيا هيا تعالى تتذوّق لحرور)، كما لا يتعبون من الإشادة بخصال ”الدوبارة” وإبراز خصائصها الغذائية أمام جمهور واقع تحت تأثير فراغ المعدة ومستعد لابتلاع أي شيء بعد الإفطار طبعا. وفي سبيل الدعاية للدوبارة، يقوم تجار بالتسويق لفوائدها الصحية، ويقول أحدهم إنّ كل ملعقة كبيرة من الدوبارة –بحسبهم- تمنح المستهلك كميات من الكالسيوم والحديد والفوسفور وحتى البوتاسيوم، على حد جزمهم. وردا على مخاطر إجهاد المعدة بكميات من ”الحرور”، يقول فتحي (36 سنة) إنّ استهلاك الطبق مرة على مرة ليس أمرا سيئا!. بينما ينادي آخرون باستهلاك ”الدوبارة” لإحياء التراث المحلي، وهي دعوة لاقت استجابة لدى قطاع من العائلات التي جعلت من طبق ”الدوبارة” أساسيا مكان طبق ”شربة الفريك” التقليدي والمعروف عنه حضوره الدائم طيلة أيام رمضان. ويتوقع متابعون أن يستمر طبق ”الدوبارة” في الانتشار ليقتحم مدن الساحل الشمالي والغربي.