في الوقت الذي تصاعد فيه التوتر والخلافات بين شريكي الحكم في السودان، الأمر الذي ينذر بمواجهة وشيكة قبل حوالي ثلاثة أشهر من الاستفتاء على الانفصال، وجه الداعية الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، نداء أخيرا للسودانيين دعاهم فيه إلى نبذ الخلافات وحذرهم من مخططات إسرائيلية وغربية تسعى لفصل الجنوب عن الشمال وطالب القرضاوي المخلصين من أبناء السودان وأصدقائه، بالعمل على توحيد كلمة الأطراف المتنازعة حتى يبقى بلدا قادرا على أن يبني نفسه، ويدخل في مرحلة التقدم والنهضة. وشدد، في خطبة الجمعة التي ألقاها بالدوحة، على أهمية وحدة الشعب السوداني، مؤكدا أن ”الاتحاد يقوي القلة، والإختلاف يضعف الكثرة”، مبينا أن عواقب الفرقة وخيمة، ولن يستفيد منها لا الشماليون ولا الجنوبيون. وطالب القرضاوي أبناء دارفور ”معلمي إفريقيا وحفظة القرآن”، أن يتمسكوا بالوحدة الكبرى مع أبناء وطنهم ويرفضوا الفرقة. وذكرهم بأنهم عرب ومسلمون يتكلمون العربية، مشيرا إلى أن العربية لغة وثقافة وليست جنسا، ومن تكلم العربية فهو عربي. ودعا قيادات الجنوب السوداني لأن يرفضوا مؤامرة الانفصال، مبينا أن انفصال جنوب السودان عن شماله سيفرق السودانيين فرقا وأحزابا ويجعلهم في مهب الريح. وقال: ”أنادي الإخوة في جنوب السودان بأن يتقوا الله في بلدهم وألا يسمعوا وساوس الشياطين الذين يريدون أن يمزقوهم كل ممزق”، ونبههم إلى أن نجاتهم وأمنهم وسلامهم وتقدمهم في الوحدة. وذكر أن ملايين السودانيين يعيشون في الشمال، وقلة من الشمال تعيش في الجنوب، وكلهم يعيشون في وطنهم آمنين. وتساءل: ”لماذا يضعف السودانيون أنفسهم، ويحققون آمال أعدائهم بتفرقهم واختلافهم؟” وأشار إلى الدور الإسرائيلي والغربي في تفتيت وحدة السودان. ونبه السودانيين لما يحاك ضدهم من مكائد ومكر، وأن يعملوا على رد الكيد لأصحابه بأن يخيبوا آمال من يرد بهم شرا. كما أكد الشيخ القرضاوي ضرورة بقاء وحدة السودان، لافتا إلى أن الأشخاص زائلون والبلد يجب أن يبقى، واصفا السودان بالبلد العربي الإفريقي الكبير الذي لا ينبغي أن يتمزق أو يتفرق، ويجب أن يبقى بلدا قويا كبيرا. وقال:”سيذهب البشير وسلفاكير والمهدي والميرغني والترابي.. ويبقى السودان”. ونصح هؤلاء القادة بأن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا، وأن يتمسكوا بوحدة بلدهم. وأقسم الشيخ القرضاوي أنه يوجه كلامه للسودانيين ناصحا ومخلصا، وقال ”لست مع البشير ولا غيره أنا مع الحق”، موضحا أن ”الحق والخير والقوة والغنى في وحدة السودان”. ثم تابع قائلا: ”من حق السودانيين أن يبقوا شعبا واحدا في وطن واحد في قوة واحدة”. ولفت الشيخ القرضاوي إلى أن التكتل والوحدة أصبحا لغة عالمية يسعى إليها العقلاء. كما أشار إلى النموذج الأوروبي قائلا: ”أوروبا التي حارب بعضها بعضا وفقدت الملايين في حربين عالميتين، نسيت الحروب وطوت الصفحة وسعت للوحدة”. وطالب السودانيين والعرب جميعا بأن يتعلموا من غيرهم، مبينا أن الوحدة سفينة النجاة من الهلاك. ونصح بتقاسم السلطة والثروات بين أبناء السودان ”وفقا لأعداد سكان كل إقليم”، مطالبا بنهضة علمية في جنوب السودان وشماله وشرقه وغربه، أملا في بقاء البلد موحدا قويا.