يبدو أن شهر العسل الأمريكي - السوري قد انتهى، ومما يزيد الطين بلة، كما يقال، سيطرة الجمهوريين على الكونغرس بعد انتخابات هذا الأسبوع. فقد أضاعت دمشق عامين من عمر رئاسة أوباما دون تحقيق نتائج؛ حيث تعامل السوريون مع واشنطن مثلما يتعاملون مع بعض الدول العربية، والدليل: بيان الرد السوري على تصريحات مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، جيفري فيلتمان؛ حيث تطالبه سورية بدراسة التاريخ والجغرافيا! ^ واشنطن، وبعد عامين من الانفتاح على دمشق، أظهرت مؤخرا حنقا على التصرفات السورية في لبنان، فالأمريكيون يرون أن دمشق تسهم بزعزعة الأمن والاستقرار هناك، وهذا ما قالته المندوبة الأمريكية بمجلس الأمن سوزان رايس، وهذا ما كرره أيضا فيلتمان في تصريحاته التي استفزت السوريين، وإذا ما أضفنا إلى ذلك كله سيطرة الجمهوريين على الكونغرس، حينها يمكن القول: إن أوباما لن يستطيع مواصلة الانفتاح مع سورية، خصوصا أن هناك مطالبات، منذ مدة، في واشنطن بضرورة إعادة تقييم التعامل مع دمشق. وعندما نقول: إن دمشق قد أضاعت الفرصة، فكم من الزيارات التي قام بها أعضاء من الكونغرس لسورية، خصوصا من الديمقراطيين، دون تحقيق تقدم يذكر، وعدا عن عداء الجمهوريين لدمشق، فإن السوريين قد أخطأوا أيضا باستعداء الديمقراطيين، ويكفي أن نتذكر هنا زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي الديمقراطية نانسي بيلوسي لدمشق إبان فترة رئاسة جورج بوش الابن، وكيف تم تصويرها على أنها خطوة من الديمقراطيين لضرب سياسة بوش تجاه سورية، ولم يستفد الديمقراطيون شيئا من تلك الزيارة أيضا. اليوم سيكون الوضع أسوأ في واشنطن بالنسبة للسوريين مع سيطرة الجمهوريين على الكونغرس؛ فواشنطن ليست دولة هامشية حتى لا تكترث دمشق بالخلاف معها، بل هي قوة حقيقية، والأخطر من ذلك كله أن سورية تجابه واشنطن، ليس من خلال قوة ذاتية بل اعتمادا على أوراق في مجملها هي بيد إيران. ويبدو أن ما استفز السوريين من حديث فيلتمان ليس ما سموه النصائح، بل حديثه الصريح والمباشر؛ حيث قال: "هل يعتقد السوريون حقا أن الإيرانيين قادرون على مساعدتهم على استعادة الجولان؟ أعتقد أن هذا أمر غير محتمل"! ثم مضى فيلتمان يعدد نقاط العجز لدى الحليفين سورية وإيران، في لبنان والعراق، حيث تمسك فيلتمان بتصريحاته بمحكمة الحريري الدولية، وبعدها بأيام أعلنت واشنطن تبرعها بمبلغ مالي للمحكمة. وبالنسبة للعراق فقد قال فيلتمان: إن إيران قد عجزت عن تشكيل الحكومة، وإسقاط علاوي، كما فشلت في تعطيل الاتفاقيات الأمنية، وذلك كله صحيح. بينما بالمقابل، وبعد مضي عامين من انفتاح أوباما على السوريين، ومع سيطرة الجمهوريين على الكونغرس، نجد أن دمشق لم تحقق تقدما يذكر مع أميركا، فلم تلغ المحكمة الدولية، ولم ترفع العقوبات الأمريكية عنها، ولم يصل السفير الأمريكي إلى سورية، ولم يتحقق لها شيء بالعراق. أمر مؤسف حقا، فقد أضاعت دمشق الكثير من الفرص في عامين، وهاهي تعود من جديد للمربع الأول مع واشنطن. بقلم : طارق الحميد