حسب ما يفهم من الأسرار التي أذاعها موقع “ويكيليكس” وكشفه لقرابة ربع مليون برقية ديبلوماسية،أن البلدان العربية،خاصة المملكة العربية السعودية،تخاف من إيران أكثر من خوفهم من إسرائيل،التي من المفروض أنها العدو التقليدي للعرب،والدليل أن السعودية اتحدت مع إسرائيل لحث أمريكا على ضرب إيران لمنعها من امتلاك النووي. وهو ما يؤكده قول سفيرها في واشنطن،عادل الجبير،الذي نصح الأمريكيين بقطع رأس الأفعى،ويقصد بالأفعى إيران،ونفس الرأي أيده ملك البحرين وأمير قطر،ولاشك أن دول الخليج الأخرى تتبنى نفس الموقف،مثل الكويت،التي تقول إن مفاعل أبو شهر أقرب إلى الكويت منه إلى طهران. هذه الفرصة لم تفوتها إسرائيل لحشر نفسها وتدس السموم بين العرب والمسلمين،وشغلهم بقضايا ثانوية،بينما تواصل هي استحواذها على ما تبقى من القدسالشرقية،وقال نتانياهو بعد نشر برقيات الخارجية الأمريكية حول السعودية والبحرين،إنه يتمنى أن يتحلى الحكام العرب بالشجاعة وأن يصارحوا سياساتهم الوطنية بما قالوه لأمريكا عن إيران. تسريبات هذا الموقف،الذي يطرح بشأنه العديد من التساؤلات حول من يقف وراءه ومن يزوده بالمعلومات الخطيرة،ولمصلحة من تنشر كل هذه البرقيات،لأنه ليس من المعقول أن تقف أمريكا مكتوفة الأيدي أمام هذه التسريبات،التي يبدو أنها تمس سياستها الخارجية بأصدقائها قبل أعدائها،وهي التي لاحقت مواقع القاعدة والجهاديين،وكانت في كل مرة تشوش عليها وتغلقها،وبإمكانها غلق أي موقف أنترنيت في العالم من واشنطن،سواء كان بطريقة قانونية أو غير قانونية،كيف تعجز عن وقف هذا الموقع،لو أنه حقا يمس بمصالحها،لأنها يوم قررت متابعة عناصر القاعدة في العالم ورحلتهم إلى غوانتانامو،لم تستشر أحدا،ولم يصرح وزير خارجيتها،مثلما قالت أمس هيلاري كلينتون،أن هذه التصرفات تعرض حياة أشخاص للخطر. وفي الحقيقة،ليس العالم في حاجة لمعرفة أسرار السياسة الأمريكية في الخارج،لأنها ليست سرا على أحد،ولسنا في حاجة لنعرف مظالمها،فهي تضرب في وضح النهار ولا تكترث لأحد،وبالتالي فالموقع لن يخدم إلا أمريكا،التي ستستغله مستقبلا لتسرب ما شاءت من أخبار ويصدقها الآخرون،لأنه سيكون وسيلة من وسائل البروباغندا الأمريكية مستقبلا. ثم هناك شك كبير يحوم حول مصداقية الموقع يثيره عدم تعرضه لعلاقة واشنطن بإسرائيل،تماما مثلما تفعل القاعدة،تضرب الجميع إلا إسرائيل. وبالتالي،فاللعبة مكشوفة وواضحة من البداية،ولا تختلف عن عمليات 11 سبتمبر وستكسب أمريكا من ورائها حتما الكثير.