تناول الروائي بدر الدين ميلي، في روايته الأخيرة، الموسومة ب”الفتحة والجدار”، الصادرة مؤخراً عن منشورا الشهاب بالعاصمة، إلى الحقبة التاريخية لمدينة قسنطينة في عهد أحمد باي، وبالتحديد إلى ملحمة المجتمع القسنطيني بعد هجومات 1837. وعبر صفحات الروائية التي تجاوزت 250 صفحة، من الحجم المتوسط، ينقل الراوي القارئ إلى المجتمع القسنطيني بعد أحداث معركة 1837، التي وقعت في أحد الأحياء الشعبية لمدينة الجسور المعلقة، وهو حي”عوينة الفول”، وهو الحي الذي أحدث فيه المستعمر الفرنسي فجوّة لدخول المدينة في عهد أحمد باي، بعد محاولات عديدة منهم لدخول المدينة من أحياء أخرى، حيث يقف القارئ أمام مجموعة من الشخصيات يمثلون مختلف الفئات الاجتماعية في المجتمع القسنيطيني في ذلك العهد، وهم أبطال يتفاوتون في الإدراك والوعي لكنهم يتشابهون في الحياة المشتركة التي يرغبون في عيشها بعيدا عن هذا المستعمر، رغم أنهم ينحدرون من مناطق مختلفة من تلك المدينة الساحرة، حيث تنحدر الفئة الأولى من منطقة عوينة الفول، المكان الرئيسي لأحداث الرواية، وهم سكان ينحدرون من بعض القبائل المشتتة في مدينة قسنطينة وتم مصادرة أراضيهم، أما الفئة الثانية فهي تمثل حبكة الرواية فيما تشكل الفئة الثالثة محور الأحداث. يقول الروائي بدر الدين إن هذا النص جاء ليعيد به إلى أذهان الجزائريين وبالتحديد القسنطينيين ذكرى بعض السكان الأصليون لمدينة سيرتا، الذين أبوا إلا أن يقدموا أنفسهم لمقصلة المستعمر الفرنسي في سبيل تحرير هذه المدينة التي استعمرت رغما عنها وعنهم. كما أراد الكاتب أن يسدد دينا تجاه هؤلاء من أجل إنقاذ الذاكرة من انجراف قاتل و نسيان آثم، ويبرهن في ذات الوقت على أن المجتمع الاستعماري لم يكن مجتمعا مثاليا، مثلما أراد بعض الروائيين تصويره في صورة المجتمع الذي يضمن التعايش والانسجام وتقاسم القيم المشتركة. ويضيف الكاتب أن البعض يصنف هذا العمل في خانة الأعمال الروائية التاريخية، لكنه شخصيا يعتبرها تسجيلا للأحداث والوقائع ليس إلا.