طفت إلى السطح في الأشهر الأخيرة عدد من الفضائح المثيرة للجدل التي هزت كيان بعض القطاعات بولاية الوادي. ولعل الملف البارز الذي أخذ حصة الأسد في سلسلة الفضائح التي نقلها بعض المنتخبين للوالي المنصب حديثا، التلاعب الفاضح والغريب في أموال قطاع الفلاحة بمختلف برامجه الإسثمارية رؤوس نافذة وراء أكبر عملية نهب لأموال الدولة بطريقة يقال إنها قانونية فبعد التوزيع غير العادل في المحيطات الفلاحية ببعض البلديات، والتي ألغى الوالي جزءا منها، جاء الدور هذه المرة للتلاعب بأموال محيطات الامتياز التي منحت بشكل غريب وفظيع. وهو ما كشف عنه البرلماني فريد بحري أمام أعين ومسمع الوالي ورئيس المجلس الشعبي الولائي ومنتخبي وإطارات الولاية في آخر دورة. النائب البرلماني كشف في تدخل جاء بناء على طلبه في دورة المجلس الشعبي الولائي الأخيرة عن جملة من الخروقات التي تطبع واقع التنمية في الوادي، حيث تساءل في أول تدخل برلماني في المجلس الشعبي بخصوص الفلاحة، عن مصير تسعة محيطات فلاحية عن طريق الامتياز توقفت الأشغال بها منذ جويلية 2007، ولم يتمكن نحو 1200 شاب مستفيدين من الحصول عليها، رغم تخصيص الدولة 4200 مليار سنتيم لاستصلاح 3000 هكتار. والغريب، كما قال، أن أشغال المشروع متوقفة منذ ثلاث سنوات، رغم بلوغ بعضها نسبة 70 بالمائة، وبالمقابل كما أضاف تم الإمضاء على قرارات استفادة في الاستصلاح الفلاحي في شهر سبتمبر في عدة مناطق، دون مد شبكات الكهرباء وفتح المسالك اللازمة لإنجاح الفلاحة. وهاجم المتحدث بشكل صريح القائمين على قطاع الفلاحة بالوادي في قضية التأخر الكبير في تسوية هذه المحيطات الفلاحية، خاصة بالامتياز الفلاحي، استفاد منها عشرات الفلاحين حسبه بطريقة مشبوهة، ومنهم من حولها إلى مشاريع استثمارية خاصة بعد تماطل الجهات الرسمية في تسوية هذه المحيطات، التي تحركها حسب بعض المنتخبين عدد من الرؤوس النافذة التي كانت وراء أكبر عملية نهب لأموال الدولة بطريقة يقال إنها قانونية. واستغرب أيضا في كلمة غير مبرمجة في الدورة الأخيرة للمجلس الولائي من صمت مصالح الفلاحة التي لم تسارع حسبه لمتابعة المتورطين في القضية، خاصة وأن الفواتير المتعلقة بالاستفادة تشير إلى ملايير تمّ الإمضاء عليها على أنها مشاريع فلاحية في حين توجد على الورق فقط، مضيفا أن الملف موجود لدى مصالح الجمهورية للتحقيق فيه. وفي هذا السياق، أشارت التقارير الميدانية التي أجراها أعضاء المجلس الولائي بالوادي حول وضعية الإمتياز الفلاحي، إلى وجود تناقض صارخ بين الإمكانيات المادية المرصودة والمشاريع المنجزة واقعيا، وهي لا تعكس حقيقة الأهداف الكبيرة والطموحة التي رسمتها الدولة لتحقيق طفرة في الإنتاج، ليسجل فائض يدفع الى التصدير أو التصنيع فضلا عن الاكتفاء، نتيجة تحويل الكثير من المستفيدين لأموال الامتياز إلى مشاريع اقتصادية، تاركين مئات الهكتارت التي أنفقت عليها الدولة الملايير أراض بور .. وقد كشفت الوثائق الرسمية التي تحصلت “ الفجر” عليها حجم المبالغ المرصودة من طرف الدولة لدفع القطاع الفلاحي بالمنطقة، حيث تبلغ المساحة الإجمالية للإمتياز الفلاحي 3082 هكتار حسب تقرير المصالح الفلاحية، موزعة عبر 18 بلدية بمبلغ إجمالي يفوق 3000 مليار سنتيم، أنفقت حول 24 مشروع إمتياز استفاد منها حوالي 8702 فلاح، غير أن جل المحيطات توجد اليوم في وضعية متردية، فهي فارغة وبور بسبب التأخر الكبير في تسليم القطع لأصحابها، وقد عادت بعض الأرضيات الى أكوام من الرمال والعوامي رغم الخسائر الفادحة في تهيئة وتسوية الأرض بسبب عدم اكتمال الإنجاز أو توقفها، ما حول برنامج الامتياز الى عنوان للفشل وعدم الجدية من البداية الى نهايته أثار الكثير من الكلام شعبيا، حول تحويل أمواله إلى وجهات اقتصادية أخرى بعدما عمد العشرات من المستفيدين الى تحويل الاموال التي استفادوا منها الى وجهات أخرى، ناهيك عن تشكيكهم في قدراتنا على الاستفادة من الطفرة البترولية التي تنعم بها البلاد. وأبرز التقرير التماطل الكبير في الدفع ببرامج الامتياز، حيث توجد بعض محيطات الامتياز انطلقت كمحيطات بلدية الطريفاوي الثلاثة الصحن الأسود، الخبينات، إميه جير، وهي تشهد حركية وإعمار رغم تحول جلها للنشاط التجاري بزراعة البطاطا وتعاني من نقص الماء واحتراق المضخات، وعدم استغلال الآبار المنجزة بسبب عدم تفاهم الفلاحين حول دفع فواتير الكهرباء، غير أن نقص المسالك الفلاحية ساهم بشكل كبير في عرقلة الفلاحين، ومن عجائب برنامج الإمتاز بالوادي محيط المالحة الذي وزع على الفلاحين، غير أنهم اكتشفوا أنهم سلمت إليهم قطع غير مهيأة للاستغلال، بسبب النقائص الناتجة عن سوء الانجاز بعدما استهلك المحيط 87 بالمائة من المبلغ المخصص له وبعض الفلاحين اليوم هم في ورطة حقيقية، منهم من هرب بعد أن بذل من جهده وماله ووقته الكثير، وبعضهم أشجاره مهددة بالموت وهو في وضعية يعجز عن حمايتها بسبب غمر المياه لقطعته، ناهيك عن السواقي التي أنجزت بحيث لا تؤدي دورها في الصرف وخطر المياه على الطريق الوطني والفلاح الذي يريد إنجاح مشروعه عليه دفع أموال طائلة كي يتمكن من ذلك، حتى أن لجنة الفلاحة بالمجلس كانت طالبت بتشكيل لجنة للتحقيق في أموال الشعب التي ذهبت سدى، ونفس الوضعية تنتظر محيط البعاج الذي بلغت نسبة الاستهلاك به 54 بالمائة، وكذلك محيط الطرفة بسيدي عمران التي لم تتجاوز نسبة الاستهلاك به 28 بالمائة، وهي نفس وضعية المحيط الجواري بإمسه ونسة. ولإعادة السكة الى مجراها وكشف المتواطئين والمتلاعبين بأموال الدولة، دعا بعض أعضاء المجلس الولائي في دورتهم الأخيرة إلى تشكيل لجان تحقيق ولائية لإنجاز تقييم موضوعي لمحيطات الامتياز قصد السرعة في تنفيذ الإجراءات المطلوبة بغية اقتراح آليات عملية لمعالجة هذه الظاهرة التي عصفت بالقطاع الفلاحي بالوادي، مع دراسة الإمكانيات المحلية لترقيع المشاريع المسلمة سابقا وذلك بالاسراع في حماية الآبار العميقة المنجزة بتسويرها وحمايتها والتوقف عن إنجاز هذه المشاريع ومثيلاتها مستقبلا، للتخلص من الهدر المالي والجهد والوقت مع العمل على إنجاز تقرير واف عن هذه المحيطات، بداية بالوجهة التي حولت لها بعض أموال الدولة، ثم أسباب توقف إنجاز واستلام العديد من المحيطات مع إجراء دراسة واقعية أكثر ملاءمة للمناطق المستهدفة.