بعد مرور أيام على رحيل الوالي السابق لولاية الوادي، طفت إلى السطح المحلي عدة ملفات تتصل بالتلاعب بالعقار الفلاحي، حركتها بعض الأطراف النافذة بالولاية، تتعلق على وجه التحديد بجشع بعض المنتخبين لاستغلال أكبر فرصة ممكنة لتمرير مخطط “قانوني” مدروس للاستحواذ على العقار الفلاحي بالولاية التهام 70 كلم من الصحراء تمتد إلى بلدية دوار الماء الحدودية من خلال تمريرها في مداولات رسمية، وبشكل قانوني، أسماء من ذويهم ومعارفهم في محيطات فلاحية موجهة للاستصلاح الفلاحي. كشفت المداولات الرسمية التي تحصلت “الفجر” على نسخ منها، عن وجود تجاوزات فظيعة في بعض المقررات الرسمية، تتعلق بوجود نهب للعقار الفلاحي بطرق قانونية وفق مخطط رهيب، خطط له بإتقان بعض التجار وأصحاب المصالح ببلدية البياضة بالوادي، منذ مدّة، ونفذه بعض المنتخبين بسرية تامة وبطرق ملتوية للتحايل على السكان الذين ناشدوا رئيس الجمهورية، في رسالة تنديد تسلمت “الفجر” نسخة منها، التدخل بغية فضح المستور وضمان أوعية عقارية لأبنائهم وباقي الأجيال الصاعدة، بعد أن قاموا بعملية نهب بشعة للعقار، حينما قاموا ببرمجة محيطات فلاحية إلى غاية حدود بلدية دوار الماء دون مراعاة المساحة الصغيرة لهذه البلدية وإمكانية توسعها مستقبلا، مما يعني أن الأجيال القادمة لن تجد مساحة حتى لبناء مرفق عمومي، ولعل الخطير في الملف هو تلاعب عدد من المنتخبين وأقاربهم بهذا الملف، من خلال الاستحواذ على أكبر عدد ممكن من قطع الأراضي الفلاحية وبيعها لاحقا بأثمان خيالية، كونهم يستغلون نفوذهم للاستحواذ على واجهات المحيطات المطلوبة عادة من قبل تجار العقار بالولاية. وأشارت المداولات الرسمية المرفقة بشكاوى عشرات السكان، في رسالة التذمر الموجهة إلى القاضي الأول في البلاد رئيس الجمهورية، وكذا المسؤول الأول عن ولاية الوادي، إلى وجود عائلات بأكملها استفادت من قطع أراض فلاحية، في حين حرم آلاف الشباب الراغب في الاستثمار الفلاحي، وأوضحوا أنه توجد في المداولات الرسمية أسماء من عائلات لها درجات قرابة ومصاهرة مع عدد من المنتخبين، استحوذوا على العقار الفلاحي، بحيث توجد عائلات استفادت بأكملها من أراض فلاحية، أي الجد والأب والأبناء وحتى أعمامهم، والسبب هو وجود أحد أقربائهم ضمن قائمة المنتخبين في المجلس الشعبي البلدي بالبياضة، في حين حرم آخرون من أي قطعة فلاحية. وأضاف أصحاب الشكوى، أن المنتخبين في المجلس عمدوا إلى حبك عدة حيل بغية تمرير مخططاتهم والاستحواذ على العقار الفلاحي، من خلال برمجة محيطات فلاحية في ظرف أسبوع، وتوزيعها بطرق ملتوية وبأكثر عدد مكن، وذلك بتقليص المساحة الموجهة إلى الاستغلال الفلاحي من أربع هكتارات، مثلما هو معمول به في غالبية بلديات الولاية، إلى هكتارين فقط، في حيلة من هؤلاء للتضليل عن المنح غير المشروط والأعمى لبعض القطع الأرضية لعدد من التجار والصناعيين الذين استفادوا من مساحات تتواجد في مواقع استراتيجية. ووصل الأمر بهذه الجماعة النافذة، بحسب رواية عدد من أصحاب هذه الشكوى، إلى حد إدماج أحد المستثمرين في محيط الزيتون الموجه إلى الاستصلاح العادي، الذي يوجد به أكثر من 1600 حصة، بعدما لم تعجبه المساحة التي خصصت له في محيط التالف الاستثماري الذي توجد به 45 مستثمرة، موجهة إلى بعض رجال الأعمال والتجار الذين يحملون صفة مستثمر. واستغرب الشاكون من عملية المنح غير القانوني لهذا المستثمر في محيط موجه إلى السكان البسطاء، بحجة أن له أحد أقربائه في المجلس ضغط بمصالحه، فتمّ إرضاؤه بهذا المحيط لتمرير ملفات أخرى. ومن الحيل التي لجأ إليها هؤلاء لتمرير مخططهم، الإعلان عن إنشاء محيط فلاحي، في ظرف أسبوع فقط، ولم يعلن عنه في المرافق العامة، وأعلن عنه بيومين قبل عيد الفطر المبارك، أي في فترة لا يقدر الكثير من السكان على الاهتمام بها، مع التحايل حتى في النص، من خلال إدراج الفقرة المتعلقة بإنشاء محيط جديد في آخر الإعلان، الذي يدعو في الأصل المستفيدين السابقين للالتحاق بمصالح البلدية لتسوية محيطاتهم السابقة، ثم ختم بفقرة تدعو الراغبين في الاستثمار إلى وضع ملفاتهم في أجل أقصاه أسبوع فقط، وأوضح السكان أنهم لم يسمعوا البتّة بهذا المحيط الجديد الذي أوضحوا أنه تّم استحداثه بغية استكمال 700 ملف تبقى من المنح في المحيط السابق، الذي تمّ توزيعه مؤخرا ويشمل 1400 قطعة، بهدف إرضاء بعض جماعات المصالح التي تحاول قدر الإمكان الاستحواذ على العقار الفلاحي و”البزنسة” به. من جانب آخر، استغل بعض المنتخبين نفوذهم لتحويل مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية لصالح زوجاتهم و”أصهارهم” وأولادهم وغيرهم، كما هو الحال لمحيط العمايرة الجنوبي، الذي به نحو 54 حصة، تمّ منحه في عهدة البرلماني عبد الحميد غربي، وتمّت تسويته مؤخرا من خلال منح ست أراضي فلاحية كبيرة لبعض أقرباء أعضاء المجلس، ولعل الملفت للانتباه في هذا التوزيع الذي تمّ بدون استشارة كاملة للمجلس، هو أخذ الواجهات من هذا المحيط في حين تركوا 22 حصة فوضوية في المحيط الداخلي لكونها عبارة عن رمال. ولعل الخطير في الملف هو سعي هذه الجماعة النافذة إلى الاستحواذ على جمع الأراضي الفلاحية القريبة من طريق بلدية النخلة، المؤدي إلى بلدية دوار الماء، والذي تمّ برمجته في الخماسي الجاري، بحيث قام هؤلاء بالاستحواذ على جميع الأراضي الفلاحية القريبة من هذا الطريق، في محاولة منهم إلى غلق جميع القطع الأرضية المؤدية إلى بلدية دوار الماء، وأوضح هؤلاء، أن التوزيع الغير مدروس للأراضي الفلاحية وصل إلى حدود بلدية دوار الماء، مما يعني أنه سيحرم مستقبلا الجيل الصاعد من حقه في قطع أرضية أو مساحات بيضاء يمارس فيها بعض الرياضات. وأدى النهب العشوائي وغير المدروس للمساحات الفلاحية، إلى إحداث غليان بداخل الشارع المحلي ببلدية البياضة حول سر صمت الجهات الرسمية عن هذا الملف، وترك عصبة من النافذين يلعبون بالعقار الفلاحي دون رقيب أو حسيب يضمن لهم الحق في امتيازات وقطع فلاحية على غرار المتحكمين بزمام الأمور في المجلس البلدي المنتخب. وقد ناشد أصحاب الرسالة القاضي الأول في البلاد، وكذا والي الولاية الجديد، فتح تحقيق معمق في توزيع محيطات العمايرة الجنوبي، محيط الزيتون، محيط التالف ومحيط الاستمرارية، مع دراسة وضعية الاستثمار الفلاحي بالبياضة الذي حول الكثير منه إلى وجهات أخرى من خلال البزنسة بأراضيه.