جدّتي؛ عجوز في منتصف العقد الثامن من شيخوختها، رغم أن ذاكرتها مثقوبة؛ إلا أنها تحفظ جيدا اسم وزيرة الثقافة خليدة تومي، والمثير في الأمر أن جدّتي لا تعرف أحدا في الطاقم الحكومي ولا تعني لها سحنات الوزراء المطلّة يوميا في المسلسل الخالدة لنشرة الثامنة، شيئا. وقد تصدّقك جدّتي لو قلت لها مثلا؛ إن هذا الشخص الذي اسمه عبد العزيز بلخادم، هو إمام جديد في مسجد الحي الذي تواظب على أن تسجّل حضورها فيه ظهر كلّ جمعة.. لماذا لا تعرف جدّتي رئيس الحكومة أويحيى وتعرف الوزيرة خليدة تومي؟ لماذا تدركها بالاسم والصفة؟ هل لأنها امرأة في معمعة وزاريّة ذكورية؟ هل لأنها شقراء مثلا؟ أم لأنّ الوزيرة كثيرة الظهور في الشاشة الجزائرية التي تثق فيها جدّتي أكثر من ثقتها بالبارابول؟؟.. لا أعرف، هي أسئلة قفزت إلى ذهني ونحن نسأل المثقفين والفنانين في هذا العدد من "الفجر الثقافي" عن أهم اسم ثقافي للسنة المنقضية.. بعض المثقفين الجزائريين الذين استطلعنا آراءهم، أكّدوا حدّ الحماسة، على أن الوزيرة تستحقّ اللقب بامتياز.. وذهب بعضهم إلى حدّ القول بأن معاليها، تستحق لقب الشخصية الثقافية الجزائرية الأبرز في العشرية الماضية، في الوقت الذي قال بعضهم الآخر، إن ظهور الوزيرة المتواصل في يومياتنا الثقافية وثبات اسمها على صفحات المعلومة الثقافية، هو سبب تكريس اسمها على قائمة أبرز الشخصيات الثقافية في الجزائر، وبالتالي فإن اعتلاءها منصّة الاستفتاء، يدخل في خانة التحصيل الحاصل وليس في خانة الاختيار.. هل المنصب هو الذي خدم المرأة أم أن المرأة هي التي خدمت المنصب؟؟ لو كان على رأس وزارة الثقافة اسم آخر غير تومي، هل كانت أحوال الثقافة في الجزائر أحسن أم أسوء من راهنها؟؟ لو كانت امرأة أخرى على رأس الوزارة غير تومي، هل كانت ستذكرها جدّتي بالاسم والصفة؟؟؟ لا تظنّوا بي السوء، أقسم أنها أسئلة بريئة من رجس المهنة.. طرحتها كما هي على سذاجتها، على ارتباكها.. "وكل واحد يفسرها كيما بغى".. آه؛ أوصتني جدّتي أن أبلّغكم "بونانيّاتها"... فكل عام وأنتم بخير.